في تفسير سورة النجم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى * وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ
هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (١) و (٤)﴾
ثمّ لمّا ختمت سورة الطّور المتضمنّة لبيان إنعام الله على النبي بنعمة الرسالة ، وردّ من قال إنّه صلىاللهعليهوآله كاهن أو مجنون أو شاعر ، ومن قال بأنّ القرآن اختلقه محمد صلىاللهعليهوآله ، وتوبيخ المشركين على إنكارهم توحيد الله ، وقولهم بأنّ له البنات ولهم البنون ، وردّ قولهم بعدم حاجتهم إلى الرسول بأنّهم لا يعلمون الغيب حتى لا يحتاجوا إلى المبلّغ عن الله ، وأمر الرسول بالاعراض عن المصرّين على الكفر بقوله : ﴿فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا﴾(١) نظمت سورة النجم المتضمّنة لإثبات نبوة النبي صلىاللهعليهوآله ، ونفي الضلالة والغواية عنه ، وأنّ ما يقوله ليس إلّا ما يوحى إليه ، وأنّ ما يعلمه ليس إلّا ما علّمه الله بتوسّط جبرئيل لا بالكهانة ، وإثبات التوحيد ونفي الوهية اللات والعزى وسائر الأصنام ، وتوبيخ المشركين على قولهم بأنّ لهم الذكر وله الانثى ، وإنكار كونهم عالمين بالغيب حتى لا يحتاجون إلى الرسول بقوله : ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ﴾(٢) ، وأمر الرسول بالإعراض عن المعرضين عن ذكر الله ، إلى غير ذلك من المطالب المناسبة للسورة السابقة ، فابتدأها بذكر الأسماء المباركات بقوله : ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ .
ثمّ افتتحها بالحلف على صدق محمد صلىاللهعليهوآله في الرسالة بقوله : ﴿وَالنَّجْمِ﴾ قيل : هو الثّريا ، والحلف به لكونه أحسن النجوم عند قريش وأظهرها للرائي ، لأنّه له علامة لا يلتبس بغيره (٣) ، وتخصيص الحلف بحال هويه بقوله : ﴿إِذا هَوى﴾ وسقط ومال إلى الغروب ؛ لأنّه يهتدي الساري به حين الزوال ، كما يهتدى بالنبي بخفض جناحه ولين جانبه.
قيل : لمّا كان بعض المشركين يعبدونه ، فقرن سبحانه تعظيمه بالحلف به بما يدلّ على عدم قابليته
__________________
(١) الطور : ٥٢ / ٤٥.
(٢) النجم : ٥٣ / ٣٥.
(٣) تفسير الرازي ٢٨ : ٢٧٩.