إلى أن قال : « وإنّ غلظ السدرة لمسيرة مائة عام من أيام الدنيا ، وإنّ الورقة منها تغطّى أهل الدنيا »(١).
وعن النبي صلىاللهعليهوآله قال : « رأيت على كلّ ورقة منها ملكا قائما يسبّح الله » (٢) .
وقيل : إنّها شجرة طوبى (٣) ، وقيل : إنّها في منتهى الجنه (٤) . وقيل : ينتهي إليها ما يهبط من فوقها من الأحكام ، ويصعد من تحتها من الآثار (٥) .
وعن أبي هريرة : لمّا اسرى بالنبي صلىاللهعليهوآله انتهى إلى السّدرة ، فقيل له صلىاللهعليهوآله : هذه السّدرة ينتهي إليها كلّ أحد من أمّتك مات على سنّتك (٦) .
وعن كعب الأحبار : أنّها سدرة في أصل العرش على رؤوس حملة العرش ، وإليها ينتهي الخلائق ، وما خلفها غيب لا يعلمه إلّا الله (٧) .
وقيل : إنّه منتهى العلوم (٨) .
وقيل : إنّ ضمير ( رآه ) راجع إلى جبرئيل والمعنى : والله لقد رأى محمد صلىاللهعليهوآلهجبرئيل بصورته الأصلية مرة اخرى من نزوله (٩) .
نقل عن عائشة أنّها قالت : أنا سألت النبي صلىاللهعليهوآله عن ذلك ، فقال : « رأيت جبرئيل نازلا في الافق على خلقته وصورته » (١٠) .
﴿عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى * ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى
* لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى (١٥) و (١٨)﴾
ثمّ عظّم سبحانه السّدرة بقوله : ﴿عِنْدَها جَنَّةُ﴾ هي ﴿الْمَأْوى﴾ والمرجع والمقرّ للمتّقين والشهداء والصالحين : أو مأوى آدم وحوّاء.
ثم بالغ سبحانه في تعظيم السّدرة ببيان وقت رؤية النبي صلىاللهعليهوآله ما رأى من نور عظمة الله ، أو جبرئيل ، بقوله : ﴿إِذْ يَغْشَى﴾ قيل : معناه لقد رآه حين يغطّي ويستر (١١)﴿السِّدْرَةَ ما يَغْشى﴾ ويغطّيها ما لا يفي البيان كيفا ولا كمّا من نور عظمة الله. قيل : لمّا وصل النبي صلىاللهعليهوآله إليها تجلّى ربّه لها ، كما تجلّى للجبل ، ولمّا كانت أقوى من الجبل ، وقلب محمد صلىاللهعليهوآله أربط من قلب موسى عليهالسلام لم تندكّ السّدرة ، ولم
__________________
(١) علل الشرايع : ٢٧٧ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٠.
(٢) مجمع البيان ٩ : ٢٦٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٠.
(٣) تفسير روح البيان ٩ : ٢٢٥.
(٤) تفسير أبي السعود ٨ : ١٥٦ ، تفسير روح البيان ٩ : ٢٢٤.
(٥) تفسير روح البيان ٩ : ٢٢٤.
(٦) تفسير روح البيان ٩ : ٢٢٥.
(٧) تفسير روح البيان ٩ : ٢٢٥.
(٨) تفسير روح البيان ٩ : ٢٢٥.
(٩) تفسير روح البيان ٩ : ٢٢٤.
(١٠) تفسير روح البيان ٩ : ٢٢٥.
(١١) تفسير روح البيان ٩ : ٢٢٧.