حسب أعمالهم ، إنّ خيرا فخير ، وإنّ شرا فشرّا.
وقيل : إنّ المراد أنّ منتهى جميع الممكنات في الوجود إلى الواجب ، ولو بالوسائط ، لوضوح أنّ ما بالغير لا بدّ أن ينتهي إلى ما بالذات (١) .
وعن ابي بن كعب : أنّه قال النبي صلىاللهعليهوآله : « ﴿ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى﴾ لا فكرة في الربّ » (٢).
وعن أنس ، عنه صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال : « إذا ذكر الربّ فانتهوا » أي اقطعوا التكلّم فيه (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ الله يقول : ﴿وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى﴾ فاذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام : قيل له : إن الناس قبلنا قد أكثروا في الصفة ، فما تقول ؟ قال : « مكروه ، أما تسمع الله عزوجل يقول : ﴿وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى﴾ تكلّموا دون ذلك » (٥) .
أقول : يعني النظر في ذاته وصفاته ، فانّه لا تزيد إلّا تحيّرا لقصور العقول بالغة ما بلغت عن إدراكها بكنهها ، فاذا انتهى النظر إليها فقفوا.
﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى * وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا * وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ
الذَّكَرَ وَالْأُنْثى * مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى * وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى * وَأَنَّهُ هُوَ
أَغْنى وَأَقْنى * وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى * وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى * وَثَمُودَ فَما
أَبْقى * وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى
* فَغَشَّاها ما غَشَّى (٤٣) و (٥٤)﴾
ثمّ بيّن سبحانه كمال قدرته الموجبة لأرعاب القلوب بقوله : ﴿وَأَنَّهُ هُوَ﴾ تعالى بقدرته الكاملة ﴿أَضْحَكَ﴾ الانسان ﴿وَأَبْكى﴾ روي عن عائشة : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله مرّ على قوم يضحكون ، فقال : « لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ، ولضحكتم قليلا » فنزل جبرئيل فقال : إنّ الله يقول : ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى﴾ فرجع صلىاللهعليهوآله إليهم ، فقال : ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني جبرئيل فقال : إئت هؤلاء القوم ، فقل لهم : إنّ الله يقول : ﴿هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى﴾(٦) .
قيل : أي أضحك الأرض بالنبات والأشجار والأنوار ، وأبكى السماء بالأمطار ، كما عن القمي (٧) . فمن قدر على إيجاد الضدّين ، لا نهاية لقدرته ؟
__________________
(١و٢) تفسير الرازي ٢٩ : ١٧.
(٣) تفسير الرازي ٢٩ : ١٧.
(٤) الكافي ١ : ٧٢ / ٢ ، التوحيد : ٤٥٦ / ٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٦.
(٥) التوحيد : ٤٥٧ / ١٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٦.
(٦) تفسير روح البيان ٩ : ٢٥٤.
(٧) تفسير القمي ٢ : ٣٣٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٦.