عن الصادق عليهالسلام - في رواية - : أنّه سئل عن الآية ، فقال : « يعني محمدا » (١) .
وقيل : إنّ كلمة ( هذا ) إشارة إلى القرآن ، والمعنى أنّ هذا القرآن الذي تشاهدونه وتسمعونه إنذار من قبيل الانذارات المتقدّمة التي سمعتم عاقبتها (٢) ، فان اتّعظتم به فهو خير لكم وسعادتكم ، وإلّا فلو فرض أنّا لا نعذبّكم في الدنيا نعذّبكم بالعذاب الشديد في القيامة ، فانّه قد ﴿أَزِفَتِ﴾ وقربت تلك القيامة التي هي ﴿الْآزِفَةُ﴾ والقريبة منكم كل يوم وكلّ ساعة بحيث تتضيق عليكم وقت التدارك لها و ﴿لَيْسَ﴾ في عالم الوجود ﴿لَها مِنْ دُونِ اللهِ﴾ ومن قبل غيره نفس ﴿كاشِفَةٌ﴾ ومخبرة عنها كما هي ومتى يكون وقتها ، أو المعنى : ليس لها نفس قادرة على ردّها وإزالتها عند وقوعها في الوقت المقدّر لها إلّا الله.
﴿أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سامِدُونَ
* فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٥٩) و (٦٢)﴾
ثمّ أنكر سبحانه على المشركين المستهزئين بالقرآن ، أو بالأخبار بقرب القيامة بقوله تبارك وتعالى: ﴿أَفَمِنْ هذَا﴾ القرآن الذي هو أحسن ﴿الْحَدِيثِ﴾ أو من حديث قرب القيامة ، أو ممّا تقدّم من الأخبار ، كما عن الصادق عليهالسلام (٣) .
أنتم ﴿تَعْجَبُونَ﴾ إنكارا ﴿وَتَضْحَكُونَ﴾ سخرية واستهزاء ﴿وَلا تَبْكُونَ﴾ على سوء حالكم ووخامة عاقبتكم وقرب ابتلائكم بالعذاب والشدائد ﴿وَأَنْتُمْ سامِدُونَ﴾ وغافلون عن نتائج أعمالكم القبيحة ، أو مستكبرون عن الايمان بالرسول والقرآن والحشر ، مع أن الحقّ أن تبكوا كثيرا ، وتضحكوا قليلا ، وتؤمنوا به سريعا ، وتخشع له قلوبكم ، وتخضع له جوارحكم.
روى أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لم ير ضاحكا بعد نزول هذه الآية (٤) .
عن أبي هريرة : لمّا نزلت الآية بكى أهل الصّفّة حتى جرت دموعهم على خدودهم ، فلمّا سمع رسول الله صلىاللهعليهوآله حنينهم بكى معهم ، وبكينا لبكائه ، فقال صلىاللهعليهوآله : « لا يلج النار من بكى من خشية الله ، ولا يدخل الجنّة مصرّ على معصية الله » .. الخبر (٥) .
سجدة واجبة
ثمّ لمّا وبّخ سبحانه المشركين على التعجّب من كون القرآن من جانب الله تعالى ، وعلى استهزائهم به ، أمر المؤمنين بأداء شكر نعمة نزوله عليهم بقوله : ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ﴾ أيّها المؤمنون
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٣٤٠ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٨.
(٢) تفسير أبي السعود ٨ : ١٦٥ ، تفسير روح البيان ٩ : ٢٥٩.
(٣) مجمع البيان ٩ : ٢٧٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٨.
(٤) تفسير روح البيان ٩ : ٢٦٠.
(٥) تفسير روح البيان ٩ : ٢٦٠.