حقهم شيئا (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (١٨٣) بالقتل وغيره من عثي بكسر المثلثة أفسد ، ومفسدين حال مؤكدة لمعنى عاملها (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ) الخليقة (الْأَوَّلِينَ) (١٨٤) (قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) (١٨٥) (وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ) مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي إنه (نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) (١٨٦) (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً) بسكون السين وفتحها قطعة (مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) (١٨٧) في رسالتك (قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) (١٨٨) فيجازيكم به (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) هي سحابة أظلتهم بعد حر شديد أصابهم فأمطرت عليهم نارا فاحترقوا (إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (١٨٩) (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٩٠) (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٩١) (وَإِنَّهُ) أي القرآن (لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٩٢) (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) (١٩٣) جبريل (عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (١٩٤) (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) (١٩٥) بيّن وفي قراءة بتشديد نزل ونصب الروح والفاعل الله (وَإِنَّهُ) أي ذكر القرآن المنزل على محمد
____________________________________
الطريق. قوله : (لمعنى عاملها) أي ولفظهما مختلف. قوله : (وَالْجِبِلَّةَ) بكسر الجيم والباء وتشديد اللام ، أي الجماعة والأمم المتقدمة الذين كانوا على خلقة وطبيعة عظيمة ، كأنها الجبال قوة وصلابة ، وهذه قراءة العامة ، وقرىء شذوذا بضم الجيم والباء وتشديد اللام ، وبفتح الجيم أو كسرها مع سكون الباء. قوله : (وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أتى بالواو هنا دون قصة صالح مبالغة في تكذيبه ، لأنه عند دخول الواو ، يكون كل من الأمرين التسحير والبشرية مقصودا بخلاف تركها ، فلم يقصد إلا التسحير والثاني دليل له. قوله : (مخففة من الثقيلة) المناسب أن يقول مهملة لا عمل لها ، لأن المكسورة إذا خففت قل عملها ، والأولى حمل القرآن على الكثير. قوله : (بسكون السين وفتحها) قراءتان سبعيتان.
قوله : (فَكَذَّبُوهُ) استمروا على تكذيبه. قوله : (عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) روي أن الله تعالى فتح عليهم بابا من أبواب جهنم ، وأرسل عليهم حرا شديدا ، فأخذ بأنفاسهم ، فدخلوا بيوتهم فلم ينفعهم ظل ولا ماء ، فأنضجهم الحر فخرجوا ، فأرسل الله تعالى سحابة فأظلتهم ، فوجدوا لها بردا وروحا وريحا طيبة ، فنادى بعضهم بعضا ، فلما اجتمعوا تحت سحابة ، ألهبها الله عليهم نارا ، ورجفت بهم الأرض ، فاحترقوا كما يحترق الجراد المقلي ، فصاروا رمادا ، وهذا العذاب الذي حل بهم ، هو الذي طلبوه تهكما بشعيب بقولهم : فأسقط علينا كسفا من السماء. قوله : (أصابهم) أي سبعة أيام ، ثم لجوا إلى السحابة بعد السبعة الأيام. قوله : (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) شروع في مدح القرآن ومن أنزله والمنزل عليه ، والمعنى أن هذا القرآن منزل من عند الله تعالى ، ليس بشعر ولا بسحر ولا كهانة كما يزعمون.
قوله : (نَزَلَ بِهِ) الباء للملابسة ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف حال كأنه قال : نزل في حال ملابسة له على حد خرج زيد بثيابه. قوله : (عَلى قَلْبِكَ) خصه بالذكر لأنه سلطان الأعضاء ، فكل شيء وصل للقلب وصل لسائر الأعضاء ، ففي الحديث : «ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح الجسد كله ، ألا وهي القلب» ، فحيث نزل على قلبه ، فقد تمكن من سائر بدنه ، فلا يطرأ عليه بعد ذلك نسيان ،