أي شيء (أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) (٢٠٧) في دفع العذاب أو تخفيفه أي لم يغن (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) (٢٠٨) رسل تنذر أهلها (ذِكْرى) عظة لهم (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) (٢٠٩) في إهلاكهم بعد إنذارهم. ونزل ردا لقول المشركين (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ) بالقرآن (الشَّياطِينُ) (٢١٠) (وَما يَنْبَغِي) يصلح (لَهُمْ) أن ينزلوا به (وَما يَسْتَطِيعُونَ) (٢١١) ذلك (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ) لكلام الملائكة (لَمَعْزُولُونَ) (٢١٢) بالشهب (فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (٢١٣)
____________________________________
عليه ، أي (ثُمَّ جاءَهُمْ) هو أي الذي كانوا يوعدونه ، وجملة (ما أَغْنى عَنْهُمْ) الخ ، في محل نصب سدت مسد المفعول الثاني لرأيت. قوله : (ما كانُوا يُوعَدُونَ) أي به ، و (ما) ، اسم موصول. قوله : (استفهامية) أي استفهام انكار كما أشار له بقوله : (أي لم يغن) فهذا مساو في المعنى لقول بعضهم إنها نافية ، وهي على صنيع المفسر مفعول مقدم لأغنى ، وقوله : (ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) فاعل بأغنى ، و (ما) مصدرية.
قوله : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) الخ ، أي إنه جرت عادته سبحانه وتعالى ، أنه لا يهلك أهل قرية إلا بعد إرسال الرسول اليهم وعصيانهم ، وذلك تفضل منه سبحانه وتعالى ، وإلا فلو أهلكهم من أول الأمر لا يعد ظالما ، لأنه متصرف في ملكه يحكم لا معقب لحكمه ، ففعله دائر بين الفضل والعدل. قوله : (إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ) الجملة صفة لقرية. فإن قلت : لم تركت الواو هنا وذكرت في قوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)؟ أجيب : بأن الأصل ترك الواو ، وإذا زيدت كانت لتأكيد وصل الصفة بالموصوف كما في قوله : (سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ). قوله : (ذِكْرى) مفعول لأجله ، أي لأجل تذكيرهم العواقب. قوله : (وَما كُنَّا ظالِمِينَ) أي لا نفعل فعل الظالمين بأن نهلكهم قبل الإنذار ، بل لا نهلكهم إلا بعد إتيان الرسول وإمهالهم الزمن الطويل حتى يتبين لهم الحق من الباطل. قوله : (ردا لقول المشركين) مقول لقول محذوف ، تقديره إن الشياطين يلقون القرآن على لسانه ، فهو من جملة الكهنة.
قوله : (وَما يَنْبَغِي لَهُمْ) أي لا يمكنهم. قوله : (إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ) الخ ، علة لقوله : (وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ). قوله : (لكلام الملائكة) إن كان المراد كلامهم بالوحي الذي يبلغونه للأنبياء ، فالشياطين معزولون عنه لا يصلون اليه أصلا ، وإن كان المراد به المغيبات التي ستقع في العالم ، فكانوا أولا يسترقونها ، فلما ولد صلىاللهعليهوسلم منعوا من السماوات ، فلما بعث سلط عليهم الشهب ، وحينئذ فقد انسد باب السماء على الشياطين ، وانقطع نزولهم على الكهنة ، فبطل قول المشركين إن القرآن تنزلت به الشياطين على رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قوله : (فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) نزل ردا لقول المشركين : اعبد آلهتنا سنة ونحن نعبد إلهك سنة ، والخطاب له صلىاللهعليهوسلم والمراد غيره. قوله : (رواه البخاري ومسلم) أي فقد ورد أنه صلىاللهعليهوسلم قال في إنذاره : «يا معشر قريش اشتروا أنفسكم ، لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا بني عبد المطلب لا أغني عنكم من الله شيئا ، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا ، يا صفية عمة رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا أغني عنك من الله شيئا ، يا فاطمة بنت رسول الله سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا». وفي رواية أنه صلىاللهعليهوسلم