إن فعلت ذلك الذي دعوك إليه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢١٤) وهم بنو هاشم وبنو المطلب ، وقد أنذرهم جهارا ، رواه البخاري ومسلم (وَاخْفِضْ جَناحَكَ) ألن جانبك (لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢١٥) الموحدين (فَإِنْ عَصَوْكَ) أي عشيرتك (فَقُلْ) لهم (إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٢١٦) من عبادة غير الله (وَتَوَكَّلْ) بالواو والفاء (عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) (٢١٧) أي فوض إليه جميع أمورك (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ) (٢١٨) إلى الصلاة (وَتَقَلُّبَكَ) في أركان الصلاة قائما وقاعدا وراكعا وساجدا (فِي السَّاجِدِينَ) (٢١٩) أي المصلين (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٢٢٠) (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) أي كفار مكة (عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ) (٢٢١) بحذف إحدى التاءين في الأصل (تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ) كذاب (أَثِيمٍ) (٢٢٢) فاجر مثل مسيلمة
____________________________________
صعد على الصفا فجعل ينادي : يا بني عدي ، لبطون من قريش قد اجتمعوا ، فجعل الذي لا يستطيع أن يخرج ، يرسل رسولا لينظر ما هو؟ فجاء أبو لهب وقريش فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب : تبا لك ، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) إلى آخر السورة.
قوله : (وَاخْفِضْ جَناحَكَ) أي فبعد الإنذار تواضع لمن آمن منهم ، وتبرأ ممن بقي على كفره ، ولا تخف من تحزبهم واجتماعهم وكثرتهم ، فإن الله حافظك وناصرك عليهم فتوكل عليه. قوله : (بالواو والفاء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى الواو هو معطوف على قوله : (وَأَنْذِرْ) ، وعلى الفاء هو بدل من قوله : (فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ). قوله : (عَلَى الْعَزِيزِ) أي الغالب على أمره ، القاهر لكل معارض لأمره. قوله : (الرَّحِيمِ) أي بالمؤمن الممتثل لأمره. قوله : (حِينَ تَقُومُ) أي منفردا ، قوله : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) أي مع الجماعة. قوله : (إلى الصلاة) لا مفهوم لها ، بل يراه حين يقوم للجهاد وللخطبة وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وغير ذلك من سائر تنقلاته ، وإنما خص الصلاة ، لأنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين ، ولأن قرة عينه فيها لما في الحديث : «وجعلت قرة عيني في الصلاة» ، والمراد برؤيته إياه ، زياد تجلي الرحمة عليه ، وإلا فرؤيه الله حاصلة لكل مخلوق.
قوله : (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ فِي) على كلام المفسر بمعنى مع وقيل إن (فِي) على بابها ، والمراد بالساجدين المؤمنون. والمعنى : يراك متقلبا في أصلاب وأرحام المؤمنين ، من آدم إلى عبد الله فأصوله جميعا مؤمنون ، وأورد على هذا آزر أبو إبراهيم فإنه كان كافرا. وأجيب بجوابين الأول أنه كان عمه واسم أبيه تارح ، الثاني أنه كان أباه حقيقة ، وقولهم إن أصوله صلىاللهعليهوسلم ليسوا كفارا محله ما دام النور المحمدي في الواحد منهم ، فإذا انتقل لمن بعده ، فلا مانع من أن يعبد غير الله ، وحينئذ فآزر ما كفر ، إلا بعد انتقال النور منه إلى إبراهيم ولده.
قوله : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) الخ ، هذا رد لقولهم إنه كاهن. قوله : (عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ) الجار والمجرور متعلق بتنزل ، والجملة في محل نصب ، سادة مسد المفعول الثاني والثالث إن جعل (أُنَبِّئُكُمْ) متعديا لثلاثة ، ومسد الثاني فقط إن جعل متعديا لاثنين. قوله : (وغيره) أي كالسطيح. قوله : (من الكهنة) جمع كاهن ، وهو الذي يخبر عن الأمور المستقبلة ، والعراف هو الذي يخبر عن الأمور الماضية.