بهجوهم الكفار (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) بهجو الكفار لهم في جملة المؤمنين فليسوا مذمومين ، قال الله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) ، (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ
____________________________________
بكر يقول الشعر ، وكان عمر يقول الشعر ، وكان عثمان يقول الشعر وكان علي أشعر من الثلاثة ، وروي عن ابن عباس أنه كان ينشد الشعر في المسجد ويستنشده ، فروي أنه دعا عمر بن أبي ربيعة المخزومي ، فاستنشده قصيدة فأنشده اياها ، وهي قريب من تسعين بيتا ، ثم إن ابن عباس أعاد القصيدة جميعها ، وكان حفظها من مرة واحدة ، وروي أنه عليهالسلام قال يوم قريظة لحسان : «اهج المشركين فإن جبريل معك». وكان يضع له منبرا في المسجد ، يقوم عليه قائما ، يفاخر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وينافح ، ويقول رسول الله : «إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح أو فاخر عن رسول الله». وروي عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «اهجوا قريشا فإنه أشد عليها من رشق النبل» فأرسل ابن رواحة فقال : اهجهم فهجاهم فلم يرض ، وأرسل كعب بن مالك ، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت ، فلما دخل عليه حسان قال : قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسود الضارب بذنبه ، ثم أدلع بلسانه فجعل يحركه فقال : والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا تعجل ، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها ، وإن لي فيهم نسبا حتى يخلص لك نسبي ، فأتاه حسان ثم رجع فقال : والذي بعثك بالحق نبيا ، لأسلنك منهم كما تسل الشعر من العجين ، قالت عائشة : فسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول لحسان : إن الله يؤيدك بروح القدس ، لا يزال يؤيدك ما نافحت عن رسوله ، قالت : وسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «هجاهم حسان فشفى واشتفى» ، فقال حسان :
هجوت محمدا فأجبت عنه |
|
وعند الله في ذاك الجزاء |
هجوت محمدا برا تقيا |
|
رسول الله شيمته الوفاء |
فإن أبي ووالدتي وعرضي |
|
لعرض محمد منكم وقاء |
ثكلت بنيتي ان لم تروها |
|
تثير النقع موعدها كداء |
ينازعن الأعنة مصعدات |
|
على أكتافها الأسل الظماء |
تظل جيادنا متمطرات |
|
تلطمهن بالخمر النساء |
فإن اعرضتمو عنا اعتمرنا |
|
وكان الفتح وانكشف الغطاء |
وإلا فاصبروا لضراب يوم |
|
يعز الله فيه من يشاء |
وقال الله قد أرسلت عبدا |
|
يقول الحق ليس به خفاء |
وقال الله قد سيرت جندا |
|
هم الأنصار عرضتها اللقاء |
تلاقى كل يوم من معد |
|
سباب أو قتال أو هجاء |
فمن يهجو رسول الله منكم |
|
ويمدحه وينصره سواء |
وجبريل رسول الله فينا |
|
وروح القدس ليس له خفاء |
قوله : (قال الله تعالى : (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) استدلال على جواز هجوهم للكفار في مقابلة هجو الكفار لهم ، وقوله : (فمن اعتدى عليكم) الخ ، استدلال على شرط المماثلة