(وَحُشِرَ) جمع (لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ) في مسير له (فَهُمْ يُوزَعُونَ) (١٧)
____________________________________
تقول؟ قالوا : لا ، قال : إنها تقول : سبحان ربي الأعلى ، عدد ما في السماوات والأرض. وصاح قمري عند سليمان فقال : أتدرون ما يقول؟ قالوا : لا ، قال إنه يقول : سبحان ربي العظيم المهيمن. قال كعب : وحدثهم سليمان فقال : الغراب يقول : اللهم العن العشار ، والحدأ يقول : كل شيء هالك إلا وجهه ، والقطاة تقول : من سكت سلم ، والببغاء تقول : ويل لمن الدنيا همه ، والضفدع تقول : سبحان ربي القدوس ، والبازي يقول : سبحان ربي وبحمده ، والسرطان يقول : سبحان المذكور بكل مكان ، وصاح دراج عند سليمان فقال : أتدرون ما يقول؟ قالوا : لا ، قال إنه يقول : الرحمن على العرش استوى. وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : الديك إذا صاح قال : اذكروا الله يا غافلون. وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «النسر إذا صاح قال : يا ابن آدم عش ما شئت فآخرك الموت ، وإذا صاح العقاب قال : في البعد من الناس راحة. وإذا صاح القنبر قال : إلهي العن مبغض آل محمد. وإذا صاح الخطاف قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) إلى آخرها فيقول (وَلَا الضَّالِّينَ) فيمد بها صوته كما يمد القارىء».
قوله : (وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) قال ذلك تحدثا بنعمة الله ، وشكرا على ما أعطاه. قوله : (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) أي من الأماكن البعيدة ، وكان له نقباء ترد أول العسكر على آخره ، لئلا يتقدموا في السير ، قال محمد بن كعب القرظي : كان عسكر سليمان عليهالسلام ، مائة فرسخ في مائة فرسخ ، خمسة وعشرون منها للإنس ، وخمسة وعشرون للجن ، وخمسة وعشرون للوحش ، وخمسة وعشرون للطير ، وقيل نسجت له الجن بساطا من ذهب وحرير فرسخا في فرسخ ، وكان يوضع كرسيه في وسطه فيقعد ، وحوله كراسي من ذهب وفضة ، فيقعد الأنبياء على كراسي الذهب ، والعلماء على كراسي الفضة ، والناس حوله ، والجن والشياطين حول الناس ، والوحش حولهم ، وتظلله الطير بأجنحتها حتى لا يقع عليه شمس ، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب ، فيها ثلاثمائة منكوحة يعني حرة ، وسبعمائة سرية ، فيأمر الريح العاصف فترفعه ، ثم يأمر الرخاء فتسير به. وروي عن كعب الأحبار أنه قال : كان سليمان إذا ركب ، حمل أهله وخدمه وحشمه ، وقد اتخذ مطابخ ومخابز فيها تنانير الحديد والقدور العظام ، تسع كل قدر عشرة من الإبل ، فيطبخ الطباخون ، ويخبز الخبازون ، وهو بين السماء والأرض ، واتخذ ميادين للدواب ، فتجري بين يديه ، والريح تهوي ، فسار من إصطخر يريد اليمن ، فسلك على مدينة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما وصل اليها قال سليمان : هذه دار هجرة نبي يكون آخر الزمان ، طوبى لمن آمن به ، وطوبى لمن اتبعه ، ولما وصل مكة ، رأى حول البيت أصناما تعبد فجاوزه سليمان ، فلما جاوزه بكى البيت ، فأوحى الله اليه ما يبكيك؟ قال : يا رب أبكاني أن هذا نبي من أنبيائك ، ومعه قوم من أوليائك ، مروا علي ولم يصلوا عندي ، والأصنام تعبد حولي من دونك ، فأوحى الله اليه لا تبك ، فإني سوف أملؤك وجوها سجدا ، وأنزل فيك قرآنا جديدا ، وأبعث منك نبيا في آخر الزمان ، أحب أنبيائي إلي ، وأجعل فيك عمارا من خلقي يعبدونني ، أفرض عليهم فريضة ، يحنون اليك حنين الناقة إلى ولدها ، والحمامة إلى بيضها ، وأطهرك من الأوثان والأصنام وعبدة الشيطان ، ثم مضى سليمان حتى مروا بوادي النمل. قوله : (يجمعون ثم يساقون) أي يمنعون من التقدم حتى يجتمعوا ثم يؤمرون.