أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُوناً) أقواما (آخَرِينَ) (٤٢) (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها) بأن تموت قبله (وَما يَسْتَأْخِرُونَ) (٤٣) عنه ذكر الضمير بعد تأنيثه رعاية للمعنى (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) بالتنوين وعدمه أي متتابعين بين كل اثنين زمان طويل (كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية بينها وبين الواو (رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً) في الهلاك (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (٤٤) (ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٤٥) حجة بينة وهي اليد والعصا وغيرهما من الآيات (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاسْتَكْبَرُوا) عن الإيمان بها وبالله (وَكانُوا قَوْماً عالِينَ) (٤٦) قاهرين بني إسرائيل بالظلم (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) (٤٧) مطيعون خاضعون (فَكَذَّبُوهُما فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ) (٤٨) (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة
____________________________________
بدل من لفظ الفعل ، والأصل بعدوا بعدا ، واللام إما متعلقة بمحذوف للبيان أو ببعدا ، وهو إخبار أو دعاء عليهم.
قوله : (ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ) أي من بعد قوم هود ونوح ، وقوله : (قُرُوناً آخَرِينَ) أي كقوم صالح وإبراهيم ولوط وشعيب. قوله : (مِنْ أُمَّةٍ) أي جماعة. قوله : (وَما يَسْتَأْخِرُونَ) أي لا يتأخرون عنه ، والمقصود من هذه الآية ، التقريع والتخويف لأهل مكة كأنه قال : لا تفتروا بطول الأمل ، فإن للظالم وقتا يؤخذ فيه ، لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه. قوله : (بعد تأنيثه) أي في قوله : (أَجَلَها) الراجع إلى (أُمَّةً) ، وقوله : (رعاية المعنى) أي لأن أمة بمعنى قوم : (تَتْرا) التاء مبدلة من واو وأصله وترا ، وهو مصدر على التحقيق ، ومعناه المتابعة مع مهلة ، وقيل المتابعة مطلقا ، وإن لم تكن مهلة ، ولكن الآية تفسر بالأول لأنه الواقع. قوله : (التنوين وعدمه) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فمن نون قال : إن ألفه للإلحاق بجعفر كعلقى ، فلما نون ذهبت ألفه لالتقاء الساكنين ، ومن لم ينون قال : إن ألفه للتأنيث كدعوى. قوله : (وتسهيل الثانية) الخ أي فينطق بها متوسطة بين الهمزة والواو ، وهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) جمع أحدوثة كأعجوبة وأضحوكة ، ما يتحدث به عجبا وتسليا ، ولا يقال ذلك إلا في الشر ، ولا يقال في الخير. قوله : (فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) بعدا منصوب بمحذوف ، أي بعدوا عن رحمتنا بعدا لا يزول. قوله : (بِآياتِنا) أي التسع وهي : العصا واليد والسنون المجدبة والطمس والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم. قوله : (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) عطف مرادف ، إشارة إلى أن المعجزات كما تسمى بالآيات تسمى بالسلطان أيضا. قوله : (وغيرهما) أي من باقي التسع. قوله : (لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا) أفرد مثل ، لأنه يجري مجرى المصادر في الإفراد والتذكير ، ولا يؤنث أصلا. قوله : (وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) الجملة حالية. قوله : (فَكانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ) أي من جملة من هلك. قوله : (أي قومه بني اسرائيل) أشار بذلك إلى أن الضمير في (لَعَلَّهُمْ) راجع لقوم موسى لا لفرعون وقومه ، لأن التوراة إنما جاءته بعد هلاك فرعون وقومه. (جملة واحدة) إما راجع لقوله : (وأوتيها) أو راجع لهلاك فرعون وقومه. قوله : (لأن الآية فيهما واحدة) أي لأن ولادته من غير أب أمر خارق للعادة ، فيصح نسبته لها وله.