لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) لعدم قدرتكم عليه (أَإِلهٌ) بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين في مواضعه السبعة (مَعَ اللهِ) أعانه على ذلك ، أي ليس معه إله (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) (٦٠) يشركون بالله غيره (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) لا تميد بأهلها (وَجَعَلَ خِلالَها) فيما بينهما (أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ) جبالا أثبت بها الأرض (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً) بين العذب والملح لا يختلط أحدهما بالآخر (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٦١) توحيده (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ) المكروب الذي مسه الضر (إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) عنه وعن غيره (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) الإضافة بمعنى في ، أي يخلف كل قرن القرن الذي قبله (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٦٢) تتعظون بالفوقانية والتحتانية وفيه إدغام التاء في الذال وما زائدة لتقليل القليل (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ) يرشدكم إلى مقاصدكم (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) وبالنجوم ليلا وبعلامات الأرض نهارا
____________________________________
قوله : (ما كانَ لَكُمْ) أي لا ينبغي لأنكم عاجزون عن إخراج النبات ، وإن كنتم قادرين على السقي والغرس ظاهرا. قوله : (أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) أي فضلا عن ثمارها وأشكالها. قوله : (وإدخال ألف بينهما) أي وتركه ، فالقراءات أربع سبعيات. قوله : (في مواضعه السبعة) أي مواضع اجتماع الهمزتين المفتوحة ثم المكسورة ، وهي لفظ إله خمس مرات ، وأئذا ، وأئنا. قوله : (أي ليس معه إله) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري ، وكذا يقال فيما بعده. قوله : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) إضراب انتقالي من تبكيتهم إلى بيان سوء حالهم.
قوله : (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) أي مستقرا للإنسان والدواب ، لا تتحرك بما على ظهرها. قوله : (فيما بينها) أشار بذلك إلى أن قوله : (خِلالَها) ظرف لجعل وتكون بمعنى خلق ، ويصح أن تكون بمعنى صير ، و (خِلالَها) مفعول ثان. قوله : (حاجِزاً) أي معنويا غير مشاهد. قوله : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي وكفرهم تقليد ، والأقل يعلم الأدلة ، وكفرهم عناد. قوله : (الْمُضْطَرَّ) هو اسم مفعول ، وهذه الطاء أصلها تاء الافتعال ، قلبت طاء لوقوعها إثر حرف الإطباق وهو الضاد.
قوله : (إِذا دَعاهُ) أشار بذلك إلى أن إجابة المضطر متوقفة على دعائه ، فلا ينبغي لمن كان مضطرا ترك الدعاء ، بل يدعو ، والله يجيبه على حسب ما أراد سبحانه وتعالى ، لأن الله أرأف على العبد من نفسه ، فالعاقل إذا دعا الله يسلم في الإجابة لمراد الله. قوله : (الإضافة بمعنى في) أي فالمعنى يجعلكم خلفاء في الأرض. قوله : (وفيه إدغام التاء في الذال) أي بعد قلبها دالا فذالا ، وهذا على كل من القراءتين. قوله : (وما زائدة لتقليل القليل) أي فالمراد تأكيد القلة. قوله : (وبعلامات الأرض) أي كالجبال. قوله : (أي قدام المطر) أي أمامه. قوله : (وإن لم يعترفوا بالإعادة) أشار بذلك إلى سؤال وارد حاصله : كيف يقال لهم (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) مع أنهم منكرون للإعادة؟ وأشار إلى جوابه بقوله : لقيام البراهين عليها وإيضاحه ، أن يقال إنهم معترفون بالابتداء ، ودلالة الابتداء على الإعادة ظاهرة قوية ، وحينئذ فصاروا كأنهم لم يبق لهم عذر في إنكار الإعادة ، بل ذلك محض جحود.