(وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي قدام المطر (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٣) به غيره (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) في الأرحام من نطفة (ثُمَّ يُعِيدُهُ) بعد الموت وإن لم تعترفوا بالإعادة لقيام البراهين عليها (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ) بالمطر (وَالْأَرْضِ) بالنبات (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) أي لا يفعل شيئا مما ذكر إلا الله ولا إله معه (قُلْ) يا محمد (هاتُوا بُرْهانَكُمْ) حجتكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٦٤) أن معي إلها فعل شيئا مما ذكر. وسألوه عن وقت قيام الساعة فنزل (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الملائكة والناس (الْغَيْبَ) أي ما غاب عنهم (إِلَّا) لكن (اللهُ) يعلمه (وَما يَشْعُرُونَ) أي كفار مكة كغيرهم (أَيَّانَ) وقت (يُبْعَثُونَ) (٦٥) (بَلِ) بمعنى هل (ادَّارَكَ) بوزن أكرم ، وفي قراءة أخرى ادارك بتشديد الدال وأصله تدارك أبدلت التاء دالا وأدغمت في الدال واجتلبت همزة الوصل ، أي بلغ ولحق أو تتابع وتلاحق (عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) أي بها حتى سألوا عن وقت مجيئها ليس الأمر كذلك (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) (٦٦) من عمى القلب وهو أبلغ مما قبله ، والأصل عميون استثقلت الضمة
____________________________________
قوله : (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) أمره صلىاللهعليهوسلم بتبكيتهم ، إثر قيام الأدلة على أنه لا يستحق العبادة غيره. قوله : (أن معي إلها) الأوضح أن يقول : أن مع الله إلها لأن النبي مأمور بهذا القول ، وهو لا يقول لهم : إن كنتم صادقين أن معي إلها. قوله : (وسألوه) أي المشركون. قوله : (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَنْ) فاعل (يَعْلَمُ) والجار والمجرور صلتها ، و (الْغَيْبَ) مفعول به ، و (إِلَّا) أداة استثناء ، ولفظ الجلالة مبتدأ خبره محذوف قدره المفسر بقوله : (يعلمه) والتقدير لا يعلم الذي ثبت في السماوات كالملائكة ، والأرض كالإنس ، الغيب لكن الله هو الذي يعلمه. قوله : (من الملائكة والناس) بيان لمن في السماوات والأرض على سبيل اللف والنشر المرتب. قوله : (لكن) (اللهُ) الخ ، أشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع ، ولا يصح جعله متصلا لإيهامه أن الله من جملة من في السماوات والأرض وهو محال. قوله : (وقت) (يُبْعَثُونَ) تفسير لأيان ، والمناسب تفسيرها بمتى ، لأن (أَيَّانَ) ظرف متضمن معنى همزة الاستفهام ومتى كذلك بخلاف لفظ وقت. قوله : (بمعنى هل) أي التي للاستفهام الإنكاري. قوله : (أي بلغ ولحق) راجع للقراءة الأولى ، وقوله : (أو تتابع) راجع للثانية ، والمعنى هل بلغ علمهم في الآخرة ، أو تتابع علمهم الآخرة ، حتى سألوا عن وقت مجيء السّاعة؟ ليس عندهم علم بذلك ، بل ولا إثبات ، حتى يسألوا عن وقت السّاعة ، فسؤالهم محض تعنت وعناد.
قوله : (فِي شَكٍّ مِنْها) أي الآخرة. قوله : (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) أي عندهم جزم بعدمها لعدم إدراكهم دلائلها. قوله : (بعد حذف كسرتها) أي وسقطت الياء لوقوعها ساكنة إثر ضمة. قوله : (أيضا) أي كما قالوا ما تقدم. قوله : (أَإِذا كُنَّا تُراباً) كان فعل ماض ناقص وأنا اسمها ، و (تُراباً) خبرها ، و (آباؤُنا) معطوف على اسم كان ، وسوغه الفصل بخبرها ، قوله : (لَقَدْ وُعِدْنا هذا) وعد فعل ماض ، ونا نائب الفاعل مفعول أول ، و (هذا) مفعول ثان ، و (نَحْنُ) تأكيد لنا ، و (آباؤُنا) عطف على