خبر (مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِ) الصدق (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٣) لأجلهم لأنهم المنتفعون به (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا) تعظم (فِي الْأَرْضِ) أرض مصر (وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) فرقا في خدمته (يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ) هم بنو إسرائيل (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ) المولودين (وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) يستبقيهن أحياء لقول بعض الكهنة له إن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سبب زوال ملكك (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (٤) بالقتل وغيره (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ياء يقتدى بهم في الخير (وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) (٥) ملك فرعون (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) أرض مصر والشام (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما) وفي قراءة ويرى بفتح التحتانية والراء ورفع الأسماء الثلاثة (مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (٦) يخافون من المولود الذي يذهب ملكهم على يديه (وَأَوْحَيْنا) وحي إلهام أو منام (إِلى أُمِّ مُوسى) وهو المولود المذكور ولم
____________________________________
أن تكون (مِنْ) اسم بمعنى بعض هي المفعول ، أو زائدة على مذهب الأخفش ، و (نَبَإِ) هو المفعول. قوله : (بِالْحَقِ) حال إما من فاعل (نَتْلُوا) أو من مفعوله ، والمعنى حال كوننا ملتبسين بالصدق ، أو كون الخبر ملتبسا بالصدق. قوله : (لأجلهم) أشار بذلك إلى أن اللام للتعليل ، أي إن المقصود بالذكر المؤمنون ، لأنهم هم المنتفعون بذلك ، قال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ).
قوله : (إِنَّ فِرْعَوْنَ) كلام مستأنف بيان للنبأ. قوله : (تعظم) أي تكبر وافتخر. قوله : (وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) أي أصنافا ، فجعل الصنائع الشريفة والإمارة للقبط ، وجعل الصنائع الخسيسة لبني إسرائيل ، من بناء وحرث وحفر وغير ذلك ، ومن لم يستعمله ضرب عليه جزية. قوله : (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ) بدل اشتمال من قوله : (يَسْتَضْعِفُ) الخ ، وذلك أن بني إسرائيل لما كثروا بمصر ، استطالوا على الناس وعملوا المعاصي ، فسلط الله عليهم القبط ، فاستضعفوهم وذبحوا أبناءهم بأمر فرعون ، قيل إنه ذبح سبعين ألفا ، إلى أن أنجاهم الله على يد موسى عليهالسلام. قوله : (إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) أي الراسخين في الفساد. قوله : (بالقتل وغيره) أي كدعوى الألوهية. قوله : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَ) أي نتفضل عليهم بإنجائهم من بأسه. قوله : (يقتدى بهم) أي بعد أن كانوا أذلاء مسخرين. قوله : (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) أي نملكهم مصر والشام يتصرفون فيها كيف يشاءون. قوله : (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ) أي نبصره ، و (فِرْعَوْنَ) وما عطف عليه مفعول أول ، و (ما كانُوا يَحْذَرُونَ) مفعول ثان. قوله : (وفي قراءة) أي وعليها فلها مفعول واحد فقط وهو قوله : (ما كانُوا يَحْذَرُونَ) وعلى هذه فتجب إمالة الراء إمالة محضة. قوله : (ورفع الأسماء الثلاثة) أي على الفاعلية. قوله : (مِنْهُمْ) أي المستضعفين. قوله : (يخافون من الموت) الخ ، أي وقد حصل ما خافوه ، حين أتتهم معجزات موسى عليهالسلام ، وحين أدركهم الغرق. قوله : (وحي إلهام أو منام) هذان قولان للمفسرين ، وقيل كان بملك تمثل لها ، واعترض بأنها ليست بنبية ، وأجيب : بأن الممنوع نزول الملائكة على غير الأنبياء بالشرائع ، وأما بغيرها فجائز ، كنزول الملك على البار بأمه التي تقدمت قصته في البقرة. قوله : (إِلى أُمِّ مُوسى) أي واسمها يوحانذ