وغيرهم (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ) أي عندهم من الدين (فَرِحُونَ) (٥٣) مسرورون (فَذَرْهُمْ) أي اترك كفار مكة (فِي غَمْرَتِهِمْ) ضلالتهم (حَتَّى حِينٍ) (٥٤) أي حين موتهم (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ) نعطيهم (مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) (٥٥) في الدنيا (نُسارِعُ) نعجل (لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ) لا (بَلْ لا يَشْعُرُونَ) (٥٦) أن ذلك استدراج لهم (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ) خوفهم منه (مُشْفِقُونَ) (٥٧) خائفون من عذابه (وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ) القرآن (يُؤْمِنُونَ) (٥٨) يصدقون (وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ) (٥٩) معه غيره (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ) يعطون (ما آتَوْا) أعطوا من الصدقة والأعمال الصالحة (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) خائفة أن لا تقبل منهم (أَنَّهُمْ) يقدر قبله لام الجر (إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ) (٦٠) (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) (٦١) في علم الله (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) أي طاقتها فمن لم يستطع أن يصلي قائما فليصل جالسا ومن لم يستطع أن
____________________________________
والمجوس ، وغير ذلك من الأديان الباطلة. قوله : (زُبُراً) جمع زبور بمعنى فريق. قوله) (فَرِحُونَ) أي لاعتقادهم أنهم على الحق. قوله : (فَذَرْهُمْ) الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والضمير لكفار مكة ، كما أشار لذلك المفسر ، وهو تسلية له. قوله : (فِي غَمْرَتِهِمْ) مفعول ثان لذرهم ، أي مستقرين فيها ، والغمرة في الأصل الماء الذي يغمر القامة ، ثم استعير ذلك للجهالة ، والغمر بالضم يقال لمن لم يجرب الأمور ، والغمر بالكسر الحقد. قوله : (مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) بيان لما. قوله : (بَلْ لا يَشْعُرُونَ) إضراب انتقالي ، أي لا يعلمون أن توسعة الدنيا ليست ناشئة عن الرضا عليهم ، بل استدراج لهم ، قال تعالى : (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً).
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ الَّذِينَ) اسم (إِنَ) ، و (هُمْ) مبتدأ ، و (مُشْفِقُونَ) خبره و (مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ) متعلق بمشفقون ، وكذا يقال فيما بعده. قوله : (مُشْفِقُونَ) الإشفاق الخوف مع زيادة التعظيم ، فهو أعلى من الخشية ، وهذه الأوصاف متلازمة من اتصف بواحد منها لزم منه الاتصاف بالباقي. قوله : (القرآن) أي وغيره من باقي الكتب السماوية. قوله : (يعطون) أشار بذلك إلى أن قوله : (يُؤْتُونَ) من الإيتاء وهو الإعطاء. قوله : (وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) الجملة حالية من فاعل (يُؤْتُونَ) أي والحال أن قلوبهم خائفة من عدم قبول أعمالهم الصالحة ، لما قام بقلوبهم من جلال الله وهيبته وعزته واستغنائه ، ولذا ورد عن أبي بكر الصديق أنه قال : لا آمن مكر الله ولو كانت إحدى قدمي داخل الجنة والأخرى خارجها ، وكان كثير البكاء من خشية الله ، حتى أثرت الدموع في خديه. قوله : (يقدر قبله لام الجر) أي فيكون تعليلا لقوله : (وَجِلَةٌ).
قوله : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) هذه الجملة خبر عن قوله : (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ) وما عطف عليه ، فاسم (إِنَ) أربع موصولات ، وخبرها جملة (أُولئِكَ) الخ. قوله : (وَهُمْ لَها سابِقُونَ) الضمير قيل للخيرات وقيل للجنة وقيل للسعادة ، وقوله : (في علم الله) أي كتبوا سابقين في علم الله ، فظهر فيهم مقتضى سابقية العلم. قوله : (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) أي تفضلا منه سبحانه