يشعر بولادته غير أخته (أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ) البحر أي النيل (وَلا تَخافِي) غرقه (وَلا تَحْزَنِي) لفراقه (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٧) فأرضعته ثلاثة أشهر لا يبكي وخافت عليه فوضعته في تابوت مطلي بالقار من داخل ممهد له فيه وأغلقته وألقته في بحر
____________________________________
بضم الياء وكسر النون وبالذال المعجمة ، وقيل : لوخا بنت هاند بن لاوى بن يعقوب ، وقد اشتملت هذه الآية على أمرين وهما (أَرْضِعِيهِ) و (أَلْقاهُ) ، ونهيين وهما (لا تَخافِي) و (لا تَحْزَنِي) ، وخبرين وبشارتين وهما (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) و (جاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) فهما خبران تضمنا بشارتين. قوله : (أَنْ أَرْضِعِيهِ) يصح أن تكون مفسرة أو مصدرية. قوله : (فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ) أي من الذبح. قوله : (وَلا تَخافِي) (غرقه) دفع بذلك التناقض بين إثبات الخوف ونفيه ، فالمثبت هو خوف الذبح ، والمنفي هو خوف الغرق. قوله : (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) أي لتأمني عليه ، وهو علة للنهي عن الخوف والحزن. قوله : (فوضعته في تابوت) أي وكان طوله خمسة أشبار وعرضه كذلك ، وجعلت المفتاح في التابوت. قوله : (مطلي بالقار) أي الزفت. قوله : (ممهد) أي مفرش له فيه ، ففرشت فيه قطنا محلوجا. قوله : (وأغلقته) أي وقيرت رأسه. وحاصله : أن أم موسى لما تقاربت ولادتها ، وكانت قابلة من القوابل التي وكلهن فرعون بحبالى بني إسرائيل ، مصافية لأم موسى ومصاحبة لها ، فلما ضربها الطلق ، أرسلت إليها فقالت : قد نزل بي ما نزل ، فليسعفني حبك إياي اليوم فعالجتها ، فلما أن وقع موسى بالأرض ، هالها نور بين عيني موسى ، فارتعش كل مفصل فيها ، ودخل حب موسى قلبها ، ثم قالت القابلة لها : يا هذه ما جئت إليك حين دعوتني ، إلا ومرادي قتل مولودك ، ولكن وجدت لابنك هذا حبا ، ما وجدت حب شيء مثل حبه ، فاحفظي ابنك ، فلما خرجت القابلة من عندها ، أبصرها بعض العيون فجاءوا على بابها ليدخلوا على أم موسى ، فقالت أخته : يا أماه هذا الحرس بالباب ، فلفت موسى بخرقة وألقته في التنور وهو مسجور ، وطاش عقلها فلم تعقل ما تصنع ، قال : فدخلوا فإذا التنور مسجور ، ورأوا أم موسى ولم يتغير لها لون ولم يظهر لها لبن ، فقالوا : ما أدخل عليك القابلة؟ فقالت : هي مصافية لي ، فدخلت علي زائرة. فخرجوا من عندها ، فرجع لها عقلها فقالت لأخت موسى : فأين الصبي؟ فقالت : لا أدري ، فسمعت بكاء الصبي من التنور ، فانطلقت إليه وقد جعل الله عليه النار بردا وسلاما فاحتملته ، ثم إن أم موسى لما رأت إلحاح فرعون في طلب الولدان ، خافت على ابنها ، وقذف الله في نفسها أن تتخذ تابوتا ، ثم تقذف التابوت في النيل ، فانطلقت إلى رجل نجار من قوم فرعون ، فاشترت منه تابوتا صغيرا ، فقال النجار : ما تصنعين بهذا التابوت؟ فقالت : لي ابن أخبئه في التابوت ، وكرهت الكذب ولم تقل أخشى عليه كيد فرعون ، فلما اشترت التابوت وحملته وانطلقت به ، انطلق النجار إلى الذباحين ليخبرهم بأمر أم موسى ، فلما همّ بالكلام ، أمسك الله لسانه فلم يطق الكلام ، وجعل يشير بيده ، فلم يدر الأمناء ما يقول ، فأعياهم أمره ، قال كبيرهم : اضربوه. فضربوه وأخرجوه ، فلما انتهى النجار إلى موضعه ، رد الله عليه لسانه فتكلم ، فانطلق أيضا يريد الأمناء ، فأتاهم ليخبرهم ، فأخذ لسانه وبصره ، فلم يطق الكلام ولم يبصر شيئا ، فضربوه وأخرجوه ، فبقي حيران ، فجعل لله عليه إن رد لسانه وبصره ، أن لا يدل عليه ، وأن يكون معه ويحفظه حيثما كانوا ، وعرف الله منه الصدق ، فرد عليه لسانه وبصره ، فخر لله ساجدا وقال : يا رب دلني