(ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) (٦٣) ما نافية وقدم المفعول للفاصلة (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) أي الأصنام الذين كنتم تزعمون أنهم شركاء الله (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) دعاءهم (وَرَأَوُا) هم (الْعَذابَ) أبصروه (لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) (٦٤) في الدنيا لما رأوه في الآخرة (وَ) اذكر (يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) (٦٥) إليكم (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ) الأخبار المنجية في الجواب (يَوْمَئِذٍ) أي لم يجدوا خبرا لهم فيه نجاة (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) (٦٦) عنه فيسكتون (فَأَمَّا مَنْ تابَ) من الشرك (وَآمَنَ) صدق بتوحيد الله (وَعَمِلَ صالِحاً) أدّى الفرائض (فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) (٦٧) الناجين بوعد الله (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) ما يشاء (ما كانَ لَهُمُ) للمشركين (الْخِيَرَةُ) الاختيار في شيء (سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٨) عن إشراكهم
____________________________________
عليهم من الكتب التي فيها المواعظ والأوامر والنواهي ، فلم نخيرهم عن أنفسنا ، بل اخترنا لهم ما اخترناه لأنفسنا ، فاتبعونا بهواهم. قوله : (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) (منهم) هذا تقرير لما قبله. قوله : (وقدم المفعول) أي وهو قوله : (إِيَّانا). قوله : (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) أي استغيثوا بآلهتكم متى عبدتموها لتنصركم وتدفع عنكم ما نزل بكم ، وهذا القول للتهكم والتبكيت لهم. قوله : (وَرَأَوُا الْعَذابَ) أي نازلا بهم. قوله : (ما رأوه) هو جواب (لَوْ).
قوله : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ) معطوف على ما قبله فتحصل أنهم يسألون عن إشراكهم وجوابهم للرسل. قوله : (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ) أي خفيت عليهم فلم يهتدوا لجواب فيه راحة لهم ، أو الكلام على القلب ، والأصل فعموا عن الأنباء ، أي ضلوا وتحيروا في ذلك ، فلم يهتدوا إلى جواب به نجاتهم. قوله : (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) (عنه) أي عن الخبر المنجي لحصول الدهشة لهم ولقنوطهم من رحمة الله حينئذ. قوله : (فَأَمَّا مَنْ تابَ) الخ ، أي رجع عن كفره في حال الحياة. قوله : (فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) الترجي في القرآن بمنزلة التحقق لأنه وعد كريم ، ومن شأنه لا يخلف وعده.
قوله : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) سبب نزولها أن الوليد بن المغيرة ، استعظم النبوة ونزول القرآن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ، فنزلت هذه الآية ردا عليه ، واختلف المفسرون في تفسير هذه الآية على أقوال كثيرة ، فقيل يخلق ما يشاء من خلقه ويختار ما يشاء منهم لطاعته ، وقيل يخلق ما يشاء من خلقه ، ويختار ما يشاء لنبوته ، وقيل يخلق ما يشاء محمدا ، ويختار الأنصار لدينه ، وقيل يخلق ما يشاء محمدا ، ويختار ما يشاء أصحابه وأمته لما روي : «إن الله اختار أصحابي على العالمين ، سوى النبيين والمرسلين ، واختار من أصحابي أربعة يعني أبا بكر وعمر وعثمان وعليا ، فجعلهم أصحابي ، وفي أصحابي كلهم خير ، واختار أمتي على سائر الأمم ، واختار لي من أمتي أربعة قرون» ا ه ، فقد اختار محمدا على سائر المخلوقات ، واختار أمته على سائر الأمم ، فكما هو أفضل الخلق على الإطلاق ، أمته أفضل الأمم على الإطلاق.
قوله : (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) بالتحريك والإسكان معناهما واحد وهو الاختيار ، و (ما) نافية ،