النافذ في كل شيء (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٧٠) بالنشور (قُلْ) لأهل مكة (أَرَأَيْتُمْ) أي أخبروني (إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً) دائما (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) بزعمكم (يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ) نهار تطلبون فيه المعيشة (أَفَلا تَسْمَعُونَ) (٧١) ذلك سماع تفهم فترجعون عن الإشراك (قُلْ) لهم (أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) بزعمكم (يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ) تستريحون (فِيهِ) من التعب (أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٧٢) ما أنتم عليه من الخطأ في الإشراك فترجعون عنه (وَمِنْ رَحْمَتِهِ) تعالى (جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) في الليل (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) في النهار بالكسب (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٧٣) النعمة فيهما (وَ) اذكر (يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٧٤) ذكر ثانيا ليبنى عليه (وَنَزَعْنا) أخرجنا (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً) وهو نبيهم يشهد عليهم بما قالوا (فَقُلْنا) لهم (هاتُوا بُرْهانَكُمْ) على ما قلتم من الإشراك (فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَ) في الإلهية (لِلَّهِ) لا يشاركه فيه أحد (وَضَلَ) غاب (عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٧٥) في الدنيا من أن معه شريكا ، تعالى عن ذلك (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى) ابن عمه وابن خالته وآمن به (فَبَغى عَلَيْهِمْ) بالكبر والعلو وكثرة المال (وَآتَيْناهُ مِنَ
____________________________________
وأضمر في الأول وحذف ، وهو مفعوله الأول ، ومفعوله الثاني جملة الاستفهام بعده ، و (إِنْ) حرف شرط ، و (جَعَلَ) فعل الشرط ، و (اللهُ) فاعله ، و (اللَّيْلَ) مفعول أول ، و (سَرْمَداً) مفعول ثان ، وجواب الشرط محذوف تقديره ما ذا تفعلون ، وتقدم الكلام على نظيرتها في الأنعام. قوله : (سَرْمَداً) من السرد وهو المتابعة والاطراد. قوله : (دائما) أي بأن يسكن الشمس تحت الأرض. قوله : (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) متعلق بجعل. قوله : (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) (بزعمكم) دفع بذلك ما يقال : إن المقام لهل لأنها لطلب التصديق ، لا من التي لطلب التعيين ، لأنه يوهم وجود آلهة غيره تعالى ، فأجاب : بأنه مجاراة للمشركين في زعمهم وجود آلهة معه. قوله : (سماع تفهم) أي تدبر واعتبار ، لأن مجرد الإبصار لا يفيد. قوله : (إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً) أي بأن يسكن الشمس في وسط السماء.
قوله : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ) أي تفضله وإحسانه. قوله : (جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) الخ ، أي لأن المرء في الدنيا ، لا بد وأن يحصل له التعب ، ليحصل ما يحتاج إليه في معاشه ، فجعل الله له محل تكسب وهو النهار ، ومحل راحة وسكون ليستريح من ذلك التعب وهو الليل. قوله : (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) استفيد من الآية مدح السعي في طلب الرزق لما ورد : الكاسب حبيب الله. قوله : (ذكر ثانيا ليبنى عليه) (وَنَزَعْنا) الخ ، أي وإشارة إلى أن الشرك أمره عظيم ، لا شيء أجلب منه لغضب الله ، كما أن التوحيد عظيم ، لا شيء أجلب منه لرضا الله. قوله : (يشهد عليهم بما قالوا) أي وأمة محمد يشهدون للأنبياء بالتبليغ ، وعلى الأمم بالتكذيب. قوله : (أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ) أي التوحيد لله خاصة لا لغيره. قوله : (من أن معه شريكا) بيان لما.
قوله : (إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى) هو اسم أعجمي ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة.