الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ) تثقل (بِالْعُصْبَةِ) الجماعة (أُولِي) أصحاب (الْقُوَّةِ) أي تثقلهم ، فالباء للتعدية ، وعدتهم قيل سبعون وقيل أربعون وقيل عشرة وقيل غير ذلك ، اذكر (إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ) المؤمنون من بني إسرائيل (لا تَفْرَحْ) بكثرة المال فرح بطر (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) (٧٦) بذلك (وَابْتَغِ) اطلب (فِيما آتاكَ اللهُ) من المال (الدَّارَ الْآخِرَةَ) بأن تنفقه في طاعة الله (وَلا تَنْسَ) تترك (نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) أي أن تعمل فيها للآخرة (وَأَحْسِنْ) للناس بالصدقة (كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ) تطلب (الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ) بعمل المعاصي (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُ
____________________________________
قوله : (ابن عمه) أي واسم ذلك العم يصهر ، بياء تحتية مفتوحة وصاد مهملة ساكنة وهاء مضمومة ، ابن قاهث بقاف وهاء مفتوحة وثاء مثلثة ، ويصهر أبو قارون ، وعمران أبو موسى أخوان ، ولدا قاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهالسلام ، وقيل إن قارون عم موسى. قوله : (وآمن به) أي وكان من السبعين الذين اختارهم موسى للمناجاة ، فسمع كلام الله ثم حسد موسى على رسالته ، وهارون على إمامته. قوله : (بالكبر) أي احتقار ما سواه ، ومن جملة تكبره أن زاد في ثيابه شبرا ، ومن جملة بغيه بالكبر حسده لموسى عليهالسلام على النبوة ، وكان يسمى المنور لحسن صورته.
قوله : (مِنَ الْكُنُوزِ) سميت كنوزا لما قيل إنه وجد كنزا من كنوز يوسف عليهالسلام ، وقيل لامتناعه من أداء الزكاة. قوله : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ) الخ ، (ما) اسم موصول صفة لموصوف محذوف ، و (إِنَ) حرف توكيد ونصب ، و (مَفاتِحَهُ) اسمها ، وجملة (لَتَنُوأُ) خبرها ، والجملة صلة الموصول ، والتقدير وآتيناه من الكنوز الشيء الذي مفاتحه تثقل العصبة أولي القوة ، وكانت مفاتحه أولا من حديد ، فلما كثرت جعلها من خشب فثقلت فجعلها من جلود البقر ، وقيل من جلود الإبل ، كل مفتاح على قدر الأصبع ، وكانت تحمل معه على أربعين وقيل على ستين بغلا. قوله : (لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ) الباء للتعدية ، والمعنى لتثقل المفاتح العصبة. قوله : (فرح بطر) أي لأنه هو المذموم ، وأما الفرح بالدنيا من حيث إنها تعينه على أمور الآخرة ، كقضاء الدين والصدقة وإطعام الجائع وغير ذلك فلا بأس به. قوله : (بأن تنفقه في طاعة الله) أي كصلة الرحم والصدقة وغير ذلك.
قوله : (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) أي بأن تصرف عمرك في مرضاة ربك ، ولا تدع نفسك من غير خير ، فتصير يوم القيامة مفلسا ، لما في الحديث : «اغتنم خمسا قبل خمس ، شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك». وقيل المراد بالنصيب الكفن ومؤن التجهيز ، قال الشاعر :
نصيبك مما تجمع الدهر كله |
|
رداءان تدرج فيهما وحنوط |
قوله : (وَأَحْسِنْ) (للناس بالصدقة) المناسب حمله على العموم ، ويكون تفسيرا لقوله : (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا) وقوله : (كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ) الكاف للتشبيه ، وما مصدرية ، والمعنى وأحسن إحسانا كإحسان الله إليك ، أو للتعليل.