الطاعة وعن المعصية (فَخَسَفْنا بِهِ) بقارون (وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره بأن يمنعوا عنه الهلاك (وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ) (٨١) منه (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ) أي من قريب (يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ) يوسع (الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) يضيق على من يشاء ، ووي اسم فعل بمعنى أعجب ، أي أنا ، والكاف بمعنى اللام (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا) بالبناء للفاعل والمفعول (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) (٨٢) لنعمة الله كقارون (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) الجنة (نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ) بالبغي (وَلا فَساداً) بعمل المعاصي (وَالْعاقِبَةُ) المحمودة (لِلْمُتَّقِينَ) (٨٣) عقاب الله بعمل الطاعات (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) ثواب بسببها وهو عشر أمثالها (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ
____________________________________
(مِنْ فِئَةٍ مِنْ) زائدة ، و (فِئَةٍ) اسم (كانَ) إن كانت ناقصة ، والجار والمجرور خبرها ، أو فاعل بها إن كانت تامة. قوله : (مِنَ المُنْتَصِرِينَ) أي الممتنعين بأنفسهم قوله : (أي من قريب) أشار بذلك إلى أن المراد بالأمس الوقت الماضي القريب لا اليوم الذي قبل يومك.
قوله : (وَيْكَأَنَّ اللهَ) الخ ، (وَيْكَأَنَ) فيها خمسة مذاهب ، الأول : أن وي كلمة برأسها اسم فعل بمعنى أعجب ، والكاف للتعليل ، وأن وما دخلت عليه مجرور بها أي أعجب ، لأن الله يبسط الرزق الخ ، فالوقف على وي ، وهو قراءة الكسائي. الثاني : إن كأن للتشبيه ، غير أنه ذهب معناه منها وصارت لليقين ، وحينئذ فالوقف على وي كالذي قبله. الثالث : إن ويك كلمة برأسها ، والكاف حرف خطاب ، ان معمولة لمحذوف ، أي أعلم أن الله يبسط الرزق الخ ، وحينئذ فالوقف على ويك ، وهو قراءة أبي عمرو. الرابع : أن أصلها ويلك حذفت اللام ، وحينئذ فالوقف على الكاف أيضا. الخامس : أن ويكأن كلها كلمة بسيطة ، ومعناها ألم تر أن الله يبسط الرزق الخ ، وحينئذ فالوقف على النون.
قوله : (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) أي بالإيمان والرحمة. قوله : (بالبناء للفاعل والمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (وَيْكَأَنَّهُ) تأكيد لما قبله ، ويجري فيها ما يجري في التي قبلها. قوله : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) مناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة ، فإن فرعون وقارون تكبرا وتجبرا واختارا العلو ، فآل أمرهما للخسران والوبال والدمار ، وموسى وهارون اختارا التواضع ، فآل أمرهما للعز الدائم الذي لا يزول ولا يحول. قوله : (أي الجنة) أي وما فيها من النعيم الدائم ، ورؤية وجه الله الكريم ، وسماع كلامه القديم. قوله : (لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا) التعبير بالإرادة أبلغ في النفي ، لأنه نفي وزيادة. قوله : (نَجْعَلُها) أي نصيرها. قوله : (بالبغي) أي الظلم والكبر كما وقع لفرعون وقارون وجنودهما. قوله : (بعمل المعاصي) أي كالقتل والزنا والسرقة وغير ذلك من الأمور التي تخالف أوامره تعالى. قوله : (لِلْمُتَّقِينَ) أظهر في مقام الإضمار ، إظهارا لشأنهم ومدحا لهم بنسبتهم للتقوى وتسجيلا على ضدهم.
قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) تقدم أنه إن أريد (بِالْحَسَنَةِ) لا إله إلا الله ، فالمراد بالخير الجنة ، و (مَنْ) للتعليل ، وليس في الصيغة تفضيل ، وإن أريد بها مطلق طاعة ، فالمراد بالخير منها عشر أمثالها ،