آمنوا فآذاهم المشركون (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا) في إيمانهم مشاهدة (وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (٣) فيه (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) الشرك والمعاصي (أَنْ يَسْبِقُونا) يفوتونا فلا ننتقم منهم (ساءَ) بئس (ما) الذي (يَحْكُمُونَ) (٤) ه حكمهم هذا (مَنْ كانَ يَرْجُوا) يخاف (لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ) به (لَآتٍ) فليستعد له (وَهُوَ السَّمِيعُ)
____________________________________
والوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وكانوا يعذبون بمكة ، والمقصود من الآية تسلية هؤلاء ، وتعليم من يأتي بعدهم.
قوله : (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) الخ ، إما حال من الناس ، وحينئذ فالمعنى أحسبوا ذلك ، والحال أنهم علموا أن ذلك ليس سنة الله (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) أو من فاعل يفتنون ، والمعنى أحسبوا أن لا يكونوا كغيرهم ، ولا يسلكوا بهم مسالك الأمم السابقة ، روى البخاري عن خباب بن الأرت قال : «شكونا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقال : ألا تستنصر ، ألا تدعو لنا؟ فقال : قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها ، فيؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه ، فما يصرفه ذلك عن دينه ، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله ، والذئب على غنمه ، ولكنكم كنتم تستعجلون». قوله : (الَّذِينَ صَدَقُوا) الخ ، عبر في جانب الصدق بالفعل الماضي ، وفي جانب الكذب باسم الفاعل ، إشارة إلى أن الكاذبين وصفهم مستمر ، لم يظهر منهم إلا ما كان مخبأ ، وأما الصادقون فقد زال وصف الكذب عنهم ، وتجدد لهم الصدق ، فناسبه التعبير بالفعل. قوله : (علم مشاهدة) جواب عما يقال : إن علم الله لا تجدد فيه ، والجواب أن المراد ليظهر متعلق علم الله للناس ببيان الصادق من الكاذب. قوله : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ) الخ ، انتقال من توبيخ إلى توبيخ ، فالأول توبيخ للناس على ظنهم بلوغ الدرجات بمجرد الإيمان ، من غير مشقة ولا تعب ، والثاني أشد منه ، وهو توبيخهم على ظنه أنهم يفوتون عذاب الله ويفرون منه ، مع دوامهم على الكفر. قوله : (الذي) (يَحْكُمُونَ) (ه) الخ ، أشار بذلك إلى أن (ما) اسم موصول فاعل (ساءَ) و (يَحْكُمُونَ) صلته ، والعائد محذوف ، والمخصوص بالذم محذوف قدره بقوله : (حكمهم) وهذا يصح أن تكون (ما) مميزا ، والفاعل ضمير مفسر بما قال ابن مالك :
وما مميز وقيل فاعل |
|
في نحو نعم ما يقول الفاضل |
قوله : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ) أي يعتقد ويجزم بأنه يلاقي الله ، فيرجو رحمته ، ويخاف عقابه ، وهذا التفسير أتم مما قاله المفسر ، لأن المؤمن المصدق بلقاء الله ، لا بد له من الرجاء والخوف معا ، ويؤيد ما قلناه جواب الشرط الذي قدره بقوله : (فليستعد له) أي يتهيأ ويستحضر للرحمة والنجاة من العذاب. قوله : (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ) ليس هذا هو جواب الشرط ، وإلا لزم أن من لا يرجو لقاء الله ، لا يكون أجل الله آتيا له ، بل الجواب ما قدره المفسر. قوله : (بأفعالهم) أي وعقائدهم قوله : (جهاد حرب) أي وهو الجهاد الأصغر ، وقوله : (أو نفس) أي وهو الجهاد الأكبر ، وذلك لأن الشيطان يجري من ابن آدم