بِذِكْرِهِمْ) أي بالقرآن الذي فيه ذكرهم وشرفهم (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ) (٧١) (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً) أجرا على ما جئتهم به من الإيمان (فَخَراجُ رَبِّكَ) أجره وثوابه ورزقه (خَيْرٌ) وفي قراءة خرجا في الموضعين وفي قراءة أخرى خراجا فيهما (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (٧٢) أفضل من أعطى وأجر (وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ) طريق (مُسْتَقِيمٍ) (٧٣) أي دين الإسلام (وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) بالبعث والثواب والعقاب (عَنِ الصِّراطِ) أي الطريق (لَناكِبُونَ) (٧٤) عادلون (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ وَكَشَفْنا ما بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ) أي جوع أصابهم بمكة سبع سنين (لَلَجُّوا) تمادوا (فِي طُغْيانِهِمْ) ضلالتهم (يَعْمَهُونَ) (٧٥) يترددون (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) الجوع (فَمَا اسْتَكانُوا) تواضعوا (لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ) (٧٦) يرغبون إلى الله بالدعاء (حَتَّى) ابتدائية (إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا) صاحب (عَذابٍ شَدِيدٍ) هو يوم بدر بالقتل (إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) (٧٧)
____________________________________
وقوله : (بِذِكْرِهِمْ) هكذا قرأ العامة ، وقرىء شذوذا بذكراهم بألف التأنيث ، ونذكرهم بنون العظمة. قوله : (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً) راجع لقوله : (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) وما بينهما اعتراض. قوله : (فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) تعليل لنفي السؤال المستفاد من الإنكار. قوله : (أجره وثوابه) أي في الآخرة ، وقوله : (ورزقه) أي في الدنيا ، فهذه الأمور كالخراج من حيث إن الله تفضل بها لعبيده فلا يتركها أبدا. قوله : (وفي قراءة خرجا في الموضعين) الخ ، أي فالقراءات الثلاث سبعيات ، لكن الأولى أبلغ ، من حيث إنه عبر في حق الله بالخراج المفيد للتكرار ، وفي حق العبيد بالخراج المفيد عدم التكرار ، والمماثلة في القراءتين الباقيتين للمشاكلة. قوله : (وأجر) بالقصر من باب ضرب ونصر ، وبالمد أي أثاب. قوله : (عَنِ الصِّراطِ) متعلق بناكبون. قوله : (عادلون) أي زائغون ومنحرفون.
قوله : (وَلَوْ رَحِمْناهُمْ) الخ قال الأشياخ : الأظهر أن هذه الآية واللتين بعدها إلى (مُبْلِسُونَ) مدنيات ؛ وسبب ذلك : أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما هاجر إلى المدينة ، دعا على أهل مكة بقوله : «اللهم اشدد وطأتك على مضر ، اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف» فقحطوا حتى أكلوا العلهز ، وهو بعين مكسورة ولام ساكنة وهاء وزاي معجمة ، شيء كانوا يتخذونه من الدم ووبر الابل في سني المجاعة ، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمدينة فقال : أنشدك الله والرحم ، ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع. فنزلت الآية. قوله : (لَلَجُّوا) اللجاج التمادي والاستمرار على العناد في تعاطي الفعل المنهي عنه.
قوله : (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) تأكيد لما قبله. قوله : (فَمَا اسْتَكانُوا) أصله استكونوا ، نقلت حركة الواو إلى ما قبلها ، فتحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت الفا ، والمعنى لم يحصل منهم تواضع ورجوع إلى الله في الماضي. ولم يحصل منهم التجاء إلى الله في المستقبل. قوله : (ابتدائية) أي تبتدأ بعدها الجمل. قوله : (إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ إِذا) شرطية ، و (إِذا) الثانية رابطة للجواب ، قائمة مقام الفاء. قوله : (آيسون) أي فالإبلاس اليأس ، ومنه إبليس ليأسه من رحمة الله.