الله ، سؤال توبيخ ، واللام في الفعلين لام قسم ، وحذف فاعلهما الواو ونون الرفع (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) وعمره أربعون سنة أو أكثر (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) يدعوهم إلى توحيد الله فكذبوه (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ) أي الماء الكثير ، طاف بهم وعلاهم فغرقوا (وَهُمْ ظالِمُونَ) (١٤) مشركون (فَأَنْجَيْناهُ) أي نوحا (وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ) أي الذين كانوا معه فيها (وَجَعَلْناها آيَةً) عبرة (لِلْعالَمِينَ) (١٥) لمن بعدهم من الناس إن عصوا رسلهم ، وعاش نوح بعد الطوفان ستين سنة أو أكثر ، حتى كثر الناس (وَ) اذكر (إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ) خافوا عقابه (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) مما أنتم عليه من عبادة الأصنام (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (١٦) الخير من غيره (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره (أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) تقولون كذبا إن الأوثان شركاء لله (إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) لا يقدرون أن يرزقوكم (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ) اطلبوه منه (وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (١٧) (وَإِنْ تُكَذِّبُوا) أي تكذبوني يا أهل مكة (فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) من قبلي (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١٨) الإبلاغ البين ، في هاتين القصتين تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم وقال تعالى في قومه (أَوَلَمْ يَرَوْا) بالياء والتاء ينظروا
____________________________________
قوله : (وَإِبْراهِيمَ) قرأ العامة بالنصب عطف على (نُوحاً) أو معمول لمحذوف ، كما درج عليه المفسر حيث قدر (اذكر) وقرىء شذوذا بالرفع على أنه مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره ومن المرسلين ابراهيم. قوله : (اعْبُدُوا اللهَ) أي امتثلوا ما يأمركم به على لسان نبيكم. قوله : (وَاتَّقُوهُ) أي اجتنبوا نواهيه. قوله : (ذلِكُمْ) أي ما ذكر من العبادة والتقوى. قوله : (خَيْرٌ لَكُمْ) (مما أنتم عليه) الخ ، أي في زعمكم أن فيه خيرا ، والأحسن أن يقال : ذلكم خير لكم من جميع الحظوظات المعجلة. قوله : (الخير) أي وهو عبادة الله ، وقوله : (من غيره) أي وهو عبادة غيره. قوله : (أَوْثاناً) جمع وثن ، وهو ما يصنع من حجر وغيره ليتخذ معبودا. قوله : (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) أي تختلقونه وتخترعونه. قوله : (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) أي لا يستطيعون ذلك ، لعجزهم وعدم قدرتهم عليه. قوله : (فاطلبوه منه) أي ولا تطلبوه من غيره ، لأنه تكفل لكل دابة برزقها ، قال تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها).
قوله : (وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ) أي لأن بالشكر تزداد النعم ، قال تعالى : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ). قوله : (إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي تردون فيثيب الطائع ويعذب العاصي. قوله : (وَإِنْ تُكَذِّبُوا) شرط حذف جوابه تقديره : فلا يضرني تكذيبكم ، وإنما تضرون أنفسكم ، وقوله : (فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) دليل الجواب ، ومن هنا قوله : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) جمل معترضة كلام إبراهيم ، وجواب قومه له ، إشارة إلى أن المقصود بالخطاب أمة محمد صلىاللهعليهوسلم. قوله : (من قبلي) (مِنْ) اسم موصول مفعول كذب ، والمعنى فلم يضر الرسل تكذيب قومهم لهم. قوله : (في هاتين القصتين) أي قصة نوح وإبراهيم. قوله : (وقد قال تعالى) أي ردا على منكري البعث. قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان.