آيسون من كل خير (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ) خلق (لَكُمُ السَّمْعَ) بمعنى الإسماع (وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ) القلوب (قَلِيلاً ما) تأكيد للقلة (تَشْكُرُونَ) (٧٨) (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ) خلقكم (فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٧٩) تبعثون (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي) بنفخ الروح في المضغة (وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) بالسواد والبياض والزيادة والنقصان (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٨٠) صنعه تعالى فتعتبرون (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ) (٨١) (قالُوا) أي الأولون (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) (٨٢) لا ، وفي الهمزتين في الموضعين التحقيق وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين (لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا) أي البعث بعد الموت (مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا) ما هذا إلا (أَساطِيرُ) أكاذيب (الْأَوَّلِينَ) (٨٣) كالأضاحيك والأعاجيب جمع أسطورة بالضم (قُلْ) لهم (لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيها) من الخلق (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٨٤) خالقها ومالكها (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ) لهم (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) (٨٥) بإدغام التاء الثانية في الذال تتعظون فتعلمون أن القادر على الخلق ابتداء
____________________________________
قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ) الخ ، خطاب للخلق عموما ، قصد به تذكير النعم للمؤمنين ، والتوبيخ للكافرين ، حيث لم يصرفوا النعم في مصارفها ، لأن السمع خلق ليسمع به ما يرشد ، والبصر ليشاهد به الآيات الدالة على كمال أوصاف الله ، والقلوب بمعنى العقول ، ليتأمل بها في مصنوعات الله ، فمن لم يصرف تلك النعم في مصارفها ، فهو بمنزلة عادمها ، قال تعالى : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) وأفرد السمع وجمع الأبصار. قوله : (تأكيد للقلة) أي لفظ ما تأكيد للقلة المستفادة من التنكير ، والمعنى شكرا قليلا ، وهو كناية عن عدمه. قوله : (تبعثون) أي تحيون بعد الموت.
قوله : (وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) أي خلقا وايجادا. قوله : (بالسواد والبياض) لف ونشر مرتب. قوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة عليه ، أي اغفلتم فلا تعقلون أن القادر على إنشاء الخلق ، قادر على اعادتهم بعد الموت؟ قوله : (بَلْ قالُوا) أي كفار مكة. قوله : (مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ) أي من قوم نوح وهود وصالح وغيرهم. قوله : (لا) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله : (وادخال الف بينهما) أي وترك الإدخال ، فالقراءات أربع سبعيات في الثاني ، وثلاث في الأول بترك الإدخال بين المحققتين. قوله : (لَقَدْ وُعِدْنا) وعد فعل ماض مبني للمجهول ، ونائب الفاعل هو الضمير المتصل و (نَحْنُ) توكيد له ، و (آباؤُنا) معطوف على الضمير المتصل ، فهو نائب فاعل أيضا ، وقوله : (هذا) مفعول ثان لوعد ، ونائب الفاعل مفعول أول ، والأصل وعدنا الآن محمد بالبعث ، ووعد غيره آباءنا من قبلنا به ، وقدم المرفوع الذي هو نائب الفاعل هنا ، وعكس في النمل تفننا وإشارة إلى أنه يجوز الأمران. قوله : (قُلْ) (لهم) أي لأهل مكة المنكرين للبعث. قوله : (من الخلق) أي المخلوقات عقلاء وغيرهم. قوله : (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) شرط حذف جوابه والتقدير فأخبروني بخالقهما.
قوله : (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) إخبار من الله بما يقع منهم في الجواب قبل وقوعه. قوله : (بإدغام التاء) أي