(لَارْتابَ) شكّ (الْمُبْطِلُونَ) (٤٨) اليهود فيك وقالوا الذي في التوراة أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب (بَلْ هُوَ) أي القرآن الذي جئت به (آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي المؤمنون يحفظونه (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ) (٤٩) أي اليهود وجحدوها بعد ظهورها لهم (وَقالُوا) أي كفار مكة (لَوْ لا) هلا (أُنْزِلَ عَلَيْهِ) أي محمد (آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) وفي قراءة آيات كناقة صالح ، وعصا موسى ، ومائدة عيسى (قُلْ) لهم (إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) ينزلها كيف يشاء (وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٥٠) مظهر إنذاري بالنار أهل المعصية (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) فيما طلبوا (أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) القرآن (يُتْلى عَلَيْهِمْ) فهو آية مستمرة لا انقضاء لها ، بخلاف ما ذكر من الآيات (إِنَّ فِي ذلِكَ) الكتاب (لَرَحْمَةً وَذِكْرى) عظة (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٥١) (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) بصدقي (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ومنه حالي وحالكم (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ) وهو ما يعبد من دون الله (وَكَفَرُوا بِاللهِ) منكم (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٥٢) في صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى) له (لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) عاجلا
____________________________________
للبشر ، كأن الله يقول لأهل الكتاب : أنتم لا عذر لكم في إنكار القرآن ، ولا في تكذيب النبي صلىاللهعليهوسلم ، لأن من جملة صفاته في كتبهم ، أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ، ووجد بهذه الصفة ، فلو فرض أنه كان يكتب أو يقرأ ، لحصل لكم الشك في نبوته ، وفي القرآن ، لوجوده على خلاف الصفة التي في كتبهم. قوله : (مِنْ كِتابٍ) مفعول (تَتْلُوا) و (مِنْ) زائدة. قوله : (أي لو كنت قارئا كاتبا) لف ونشر مرتب. قوله : (اليهود) لا مفهوم له. قوله : (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ) إضراب عما تقدم من الارتياب. قوله : (أي المؤمنين يحفظونه) أي لفظا ومعنى لما ورد : «وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم أي كالأناجيل» ، والمعنى أن القرآن محفوظ في صدورهم وثابت فيها ، كما كان كتاب النصارى ثابتا في أناجيلهم. قوله : (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) أي القرآن. قوله : (اليهود) تقدم ما فيه. قوله : (وفي قراءة آيات) أي وهما سبعيتان. قوله : (ينزلها كيف يشاء) أي على ما يريد ، ولا دخل لأحد في ذلك لأن المعجزة أمر خارق للعادة يأتي بفضل الله.
قوله : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ) الهمزة داخلة على محذوف ، والواو عاطفة عليه ، التقدير أجهلوا ولم يكفهم الخ ، والاستفهام للتوبيخ. قوله : (أَنَّا أَنْزَلْنا) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل يكف ، والتقدير أو لم يكفهم إنزالنا. قوله : (مستمرة لا انقضاء لها) أخذ ذلك من قوله : (يُتْلى عَلَيْهِمْ). قوله : (بخلاف) ما ذكر من الآيات) أي فانقضت بموت الرسل. قوله : (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) خصوا بالذكر لأنهم هم المنتفعون بذلك. قوله : (ومنه حالي وحالكم) أي من جملة ما في السماوات والأرض. قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ) أي خضعوا له وعبدوه. قوله : (حيث اشتروا الكفر بالإيمان) أي أخذوا الكفر وتركوا الإيمان. قوله : (وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى) (له) أي للعذاب. قوله : (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً) أي كوقعة بدر ، فإنها أتتهم على حين غفلة. قوله : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي لا يظنون أن العذاب يأتيهم أصلا.