(وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٥٣) بوقت إتيانه (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) في الدنيا (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) (٥٤) (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ) فيه بالنون أي نأمر بالقول ، وبالياء أي يقول الموكل بالعذاب (ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٥٥) أي جزاءه فلا تفوتونا (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) (٥٦) في أي أرض تيسرت فيها العبادة ، بأن تهاجروا إليها من أرض لم تتيسر فيها. نزل في ضعفاء مسلمي مكة كانوا في ضيق من أظهار الإسلام بها (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) (٥٧) بالتاء والياء بعد البعث (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) ننزلهم وفي قراءة بالمثلثة بعد النون من الثواء
____________________________________
قوله) (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) تعجب من قلة فطنتهم ومن تعنتهم ، والمعنى : كيف يستعجلون العذاب ، والحال أن جهنم محيطة بهم يوم القيامة لا مفر لهم منها؟ قوله : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ) ظرف لقوله محيطة ، والمعنى على الاستقبال ، أي ستحيط بهم في ذلك اليوم. قوله : (مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) تفسير للاحاطة وهو بمعنى قوله تعالى : (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ). قوله : (أي نأمر بالقول) إنما أوله جمعا بين ما هنا ، وبين قوله في الأخرى (لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ). قوله : (أي جزاءه) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف.
قوله : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) خطاب لفقراء الصحابة الذين كانوا يخافون من إظهار الإسلام في مكة كما قال المفسر ، والإضافة لتشريف المضاف. قوله : (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) إياي منصوب بفعل محذوف دل عليه المذكور. قوله : (كانوا في ضيق) الخ ، أي فوسع الله لهم الأمر ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فمن تعسرت عليه العبادة في بلده ، فعليه أن يهاجر منها لبلد تتيسر له فيها لقوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فالمهم العبادة في أي مكان تيسر ، ولا يعول على مكان في الدنيا ، لأنها دار ممر لا مقر ، والمار في طريق لا يعول على مسكن ولا قرار في طريقه.
قوله : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) أي لا تقيموا بدار الشرك خوفا من الموت فإن (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) فالحكمة في تخويفهم من الموت ، كون مفارقة الأوطان تهون عليهم ، فإن من أيقن بالموت هان عليه كل شيء في الدنيا. قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) لما ذكر أحوال الكفار ، وما آل اليه أمرهم ، أتبعه بذكر أحوال المؤمنين ، وما آل اليه أمرهم. قوله : (وفي قراءة بالمثلثة) أي الساكنة بعد النون ، وبعدها واو مكسورة ثم ياء مفتوحة ، و (غرفا) على هذه القراءة ، إما منصوب بنزع الخافض كما قال المفسر ، أو مفعول به بتضمين مثوى معنى نزل فيتعدى لاثنين. قوله : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) أي الغرف. قوله : (مقدرين الخلود) (فِيها) أشار بذلك إلى أن قوله : (خالِدِينَ فِيها) حال مقدرة ، أي أنهم حين الدخول يقدرون الخلود لأنه أتم في النعيم ، لسماعهم النداء من قبل الله : يا أهل الجنة خلود بلا موت. قوله : (هذا الأجر) أشار بذلك إلى أن المخصوص بالمدح محذوف. قوله : (الَّذِينَ صَبَرُوا) نعت للعالمين ، أو خبر لمحذوف كما قال المفسر. قوله : (لإظهار الدين) متعلق بالهجرة. قوله : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) سبب نزولها : أنه صلىاللهعليهوسلم لما أمر المؤمنين بالهجرة قالوا : كيف نخرج إلى المدينة ، وليس بها دار ولا مال ، فمن يطعمنا بها ويسقينا. وقوله : (لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) أي