الأول ، وغلبت الروم فارس (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) أي من قبل غلب الروم ومن بعده ، المعنى أن غلبة فارس أولا وغلبة الروم ثانيا ، بأمر الله أي إرادته (وَيَوْمَئِذٍ) أي يوم تغلب الروم (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) (٤) (بِنَصْرِ اللهِ) إياهم على فارس ، وقد فرحوا بذلك وعلموا به يوم وقوعه يوم بدر بنزول جبريل بذلك فيه ، مع فرحهم بنصرهم على المشركين فيه (يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب (الرَّحِيمُ) (٥) بالمؤمنين (وَعْدَ اللهِ) مصدر بدل من اللفظ بفعله ، والأصل وعدهم الله النصر (لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ) به (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أي كفار مكة (لا يَعْلَمُونَ) (٦) وعده تعالى بنصرهم (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي معايشها من التجارة والزراعة والبناء والغراس وغير ذلك (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٧) إعادة هم تأكيد (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) ليرجعوا عن غفلتهم (ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِ
____________________________________
وجيش قيصر ملك الروم ، فأقبل في خمسمائة ألف رومي إلى الفرس وغلبوهم ، ومات كسرى ملك الفرس. قوله : (لِلَّهِ الْأَمْرُ) أي لا لغيره. قوله : (مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) القراءة المشهورة ببناء (قَبْلُ) و (بَعْدُ) على الضم لحذف المضاف اليه ونية معناه. قوله : (أي من قبل غلب الروم) أي من قبل كونهم غالبين ، وقوله : (ومن بعده) أي من بعد كونهم مغلوبين. قوله : (المعنى أن غلبة فارس) الخ ، جواب عما يقال : ما فائدة قوله : (غَلَبِهِمْ) بعد قوله : (غُلِبَتِ الرُّومُ)؟ وحاصل الجواب : أن فائدته إظهار أن ذلك بأمر الله ، لأن شأن من غلب بعد كونه مغلوبا أن يكون ضعيفا ، فلو كانت الغلبة بحولهم وقوتهم لما غلبوا أولا. قوله : (أي يوم تغلب الروم) أشار بذلك إلى أن تنوين (يَوْمَئِذٍ) عوض عن جملة.
قوله : (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ) أي فاستبشر المؤمنون بنصر الروم على فارس ؛ وعلموا أن الغلبة لهم على كفار مكة. قوله : (يوم بدر) هذا أحد قولين ، وهو مبني على أن الواقعة الأولى كانت قبل الهجرة بخمس سنين ، وقيل يوم الحديبية ، بناء على أن الأولى قبل الهجرة بسنة. قوله : (مصدر) أي مؤكد لمضمون الجملة التي تقدمت ، وعامله محذوف أي وعدهم الله وعدا. قوله : (به) أي النصر. قوله : (لا يَعْلَمُونَ) أي لجهلهم وعدم تفكرهم واعتبارهم. قوله : (يَعْلَمُونَ) أي الأكثر. قوله : (ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي وإما باطنا منها ، وهو كونها مجازا إلى الآخرة ، يتزود فيها بالأعمال الصالحة فليس لهم به علم. قوله : (إعادة) أي لفظ (هم).
قوله : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) الهمزة داخلة على محذوف ، والواو عاطفة عليه ، والتقدير اعموا ولم يتفكروا. قوله : (إِلَّا بِالْحَقِ) أي بالحكمة لا عبثا. قوله : (تفنى عند انتهائه) أي تنعدم السماوات والأرض وما بينهما عند انقضاء ذلك الأجل. قوله : (بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) متعلق بكافرون ، واللام غير مانعة من ذلك لوقوعها في غير محلها وهو خبر (إِنَ). قوله : (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) الهمزة داخلة على محذوف ، والواو عاطفة عليه ، والتقدير : اقعدوا ولم يسيروا؟ والاستفهام للتوبيخ ، والجملة معطوفة على جملة (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) عطف سبب على مسبب ، لأن السير سبب للتفكر. قوله : (وَأَثارُوا الْأَرْضَ)