وَأَجَلٍ مُسَمًّى) لذلك تفنى عند انتهائه وبعد البعث (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) أي كفار مكة (بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ) (٨) أي لا يؤمنون بالبعث بعد الموت (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم وهي إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم (كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً) كعاد وثمود (وَأَثارُوا الْأَرْضَ) حرثوها وقلبوها للزرع والغرس (وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها) أي كفار مكة (وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالحجج الظاهرات (فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) بإهلاكهم بغير جرم (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٩) بتكذيبهم رسلهم (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى) تأنيث الأسوأ الأقبح ، خبر كان على رفع عاقبة ، واسم كان على نصب عاقبة ، والمراد بها جهنم وإساءتهم (أَنْ) أي بأن (كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) القرآن (وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) (١٠) (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) أي ينشىء خلق الناس (ثُمَّ يُعِيدُهُ) أي خلقهم بعد موتهم (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (١١) بالياء والتاء (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) (١٢) يسكت المشركون لانقطاع حجتهم (وَلَمْ يَكُنْ) أي لا يكون (لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ) ممن أشركوهم بالله وهم الأصنام ليشفعوا لهم (شُفَعاءُ وَكانُوا) أي يكونون (بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ) (١٣) أي متبرئين منهم (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ)
____________________________________
بالقصر لعامة القراء وقرىء شذوذا ، وآثار بألف بعد الهمزة. قوله : (أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها) نعت لمصدر محذوف ، أي عمارة أكثر من عمارتهم.
قوله : (وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي فلم يذعنوا لها ، بل كذبوا بها. قوله : (فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ) أي يعاملهم معاملة ملك ظالم جبار ، بل معاملة ملك عدل رحيم ، وعلى فرض أخذهم من غير جرم لا يكون ظالما ، إذ لا مشارك له في خلقه ، ولكن من فضله تعالى ألزم نفسه ما لا يلزمه قوله : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى) بيان لعاقبة أمرهم إثر بيان حالهم في الدنيا. قوله : (خبر كان على رفع عاقبة) أي و (عاقِبَةَ) اسمها ، وهي مضافة للموصول ، و (أَساؤُا) صلته ، و (السُّواى) صفة لموصوف محذوف ، أي المجازاة السوآى وهي جهنم خبر (كانَ) ، وقوله : (واسم كان على نصب عاقبة) أي فالسوآى اسم (كانَ) مؤخر ، و (عاقِبَةَ) خبر (كانَ) مقدم ، وعلى كل فقوله : (أَنْ كَذَّبُوا) خبر لمحذوف تقديره وإساءتهم أن كذبوا ، فهي جملة مستأنفة بيان لصلة الموصول ، فيصح الوقف على السوآى ، وهذا ما اختاره المفسر من أوجه شتى وهو أنورها ، وذكر الفعل لأن الاسم كان على كل مجازي التأنيث. قوله : (والمراد بها) أي السوآى قوله : (أي بأن) (كَذَّبُوا) أشار بذلك إلى أن الكلام على تقدير الباء وهي للسببية.
قوله : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) عبر بالمضارع إشارة إلى أن البدء متجدد شيئا فشيئا ما دامت الدنيا. قوله : (أي ينشىء خلق الناس) أي يظهرهم من العدم. قوله : (بالتاء والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) أي وهو يوم الإعادة. قوله : (يسكت المشركون) أي عن جواب يدفع عنهم العذاب. قوله : (أي لا يكون) أشار بذلك إلى أن الماضي بمعنى المضارع ، لأن المنفي بلم ماضي المعنى.