تأكيد (يَتَفَرَّقُونَ) (١٤) أي المؤمنون والكافرون (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ) جنة (يُحْبَرُونَ) (١٥) يسرّون (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) القرآن (وَلِقاءِ الْآخِرَةِ) البعث وغيره (فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) (١٦) (فَسُبْحانَ اللهِ) أي سبحوا الله بمعنى صلّوا (حِينَ تُمْسُونَ) أي تدخلون في المساء ، وفيه صلاتان : المغرب والعشاء (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) (١٧) تدخلون في الصباح ، وفيه صلاة الصبح (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اعتراض ومعناه يحمده أهلهما (وَعَشِيًّا) عطف على حين ، وفيه صلاة العصر (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) (١٨) تدخلون في الظهيرة ، وفيه صلاة الظهر (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) كالإنسان من النطفة ، والطائر من البيضة (وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ) النطفة والبيضة (مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ) بالنبات (بَعْدَ مَوْتِها) أي يبسها (وَكَذلِكَ) الإخراج (تُخْرَجُونَ) (١٩) من القبور بالبناء للفاعل والمفعول (وَمِنْ آياتِهِ) تعالى الدالة على قدرته (أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) أي أصلكم آدم (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ) من دم ولحم
____________________________________
قوله : (بِشُرَكائِهِمْ) متعلق بكافرين. قوله : (تأكيد) أي لفظي. قوله : (أي المؤمنون والكافرون) أخذ هذا التعميم من قوله أولا ، (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ). قوله : (فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ) الروضة كل أرض ذات نبات وماء ورونق ونضارة. قوله : (يُحْبَرُونَ) أي يكرمون وينعمون بما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين. روي أن في الجنة أشجارا عليها أجراس من فضة ، فإذا أراد أهل الجنة السماع ، بعث الله ريحا من تحت العرش ، فتقع في تلك الأشجار ، فتحرك تلك الأجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طربا. قوله : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) مقابل قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) قوله : (وغيره) أي كالجنة والنار. قوله : (مُحْضَرُونَ) أي حاضرون.
قوله : (فَسُبْحانَ اللهِ) الخ ، وجه مناسبة هذه الآية لما قبلها ، أنه لما ذكر أولا أنه يبدأ الخلق ويعيده ، وأن الخلق يكونون فريقين ، فريق في الجنة وفريق في السعير ، ذكر هنا أنه منزه عن النقائص ، إشارة إلى أن تسبيحه وتحميده ، وسيلتان للنجاة من العذاب وحلول دار الثواب. قوله : (بمعنى صلوا) إنما فسر التسبيح بالصلاة ، لأن التنزيه يكون باللسان والجنان والأركان ، ولا شيء أجمع لذلك كله من الصلاة. قوله : (أي تدخلون في المساء) أشار بذلك إلى أن (تُمْسُونَ) و (تُصْبِحُونَ) فعلان تامان. قوله : (وفيه صلاتان) الخ ، أشار بذلك إلى أن هذه الآية جمعت الصلوات الخمس ، وخصها بالذكر دون سائر العبادات ، لأنها عماد الدين ، من أقامها فقد أقام الدين. قوله : (اعتراض) أي بين المعطوف والمعطوف عليه. والحكمة في ذلك ، الإشارة إلى أن التوفيق للعبادة نعمة ينبغي أن يحمد عليها. قوله : (وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) أي فالقادر على إخراج الحي من الميت وعكسه ، وإحياء الأرض قادر على إحياء الخلق بعد موتهم ، ففي ذلك ردّ على منكري البعث. قوله : (للفاعل والمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) شروع في ذكر جملة من الآيات الدالة على وحدانيته سبحانه وتعالى ، وذكر لفظ من آيات ست مرات تنتهي عند قوله (إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) وابتدأها بذكر خلق الإنسان ، ثم بخلق العالم علويا وسفليا ، إشارة إلى أن الإنسان هو المنتفع بها. والحكمة في ذكر تلك الآيات ليهتدي بها