وَالْأَرْضِ) أي الصفة العليا وهي أنه لا إله إلا الله (وَهُوَ الْعَزِيزُ) في ملكه (الْحَكِيمُ) (٢٧) في خلقه (ضَرَبَ) جعل (لَكُمْ) أيها المشركون (مَثَلاً) كائنا (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) وهو (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي من مماليككم (مِنْ شُرَكاءَ) لكم (فِي ما رَزَقْناكُمْ) من الأموال وغيرها (فَأَنْتُمْ) وهم (فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) أي أمثالكم من الأحرار ، والاستفهام بمعنى النفي ، المعنى ليس مماليككم شركاء لكم إلى آخره عندكم ، فكيف تجعلون بعض مماليك الله شركاء له (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) نبيّنها مثل ذلك التفصيل (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢٨) يتدبرون (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) بالإشراك (أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ) أي لا هادي له (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٢٩) مانعين من عذاب الله (فَأَقِمْ) يا محمد (وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) مائلا إليه ، أي أخلص دينك لله أنت ومن تبعك (فِطْرَتَ اللهِ) خلقته (الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها)
____________________________________
قوله : (وهي أنه لا إله إلا الله) أي فالمراد بها الوصف بالوحدانية ولوازمها من كل كمال ، والتنزيه عن كل نقص. قوله : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً) أي صفة وشكلا تقيسون عليه. قوله : (كائنا) (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أشار بذلك إلى أن (مِنْ) ابتدائية متعلقة بمحذوف صفة لمثلا.
قوله : (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ) الخ ، (هَلْ) حرف استفهام ، و (لَكُمْ) خبر مقدم ، و (شُرَكاءَ) مبتدأ مؤخر ، و (مِنْ) زائدة ، و (مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) حال من (شُرَكاءَ) لكونه نعت نكرة قدم عليها ، و (مِنْ) تبعيضية فتحصل أن (مِنْ) الأولى ابتدائية ، والثانية تبعيضية ، والثالثة زائدة. قوله : (فِي ما رَزَقْناكُمْ) أي ملكناكم ، وأشار بذلك إلى أن الرزق حقيقة لله تعالى ، وإيضاح هذا المثل أن يقال : إذا لم يصح أن تكون مماليككم شركاء فيما بأيديكم من رزق الله ، فلا يصح بالأولى جعل بعض مماليك الله شركاء فيما هو له حقيقة. قوله : (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) أي مستوون معهم في التصرف على حكم عادة الشركاء.
قوله : (تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) من جملة المنفي ، فهو مرتب عليه ، فالمراد نفي الثلاثة الشركة والاستواء مع العبيد وخوفهم كخوف أنفسكم ، والمعنى أنتم تنفون عنهم تلك الأوصاف الثلاثة ، من أجل كونهم مماليك لكم ، فكيف تثبتون تلك الأوصاف لبعض مماليك الله؟ قوله : (بمعنى النفي) أي فهو استفهام إنكاري. قوله : (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي فهذا المثل إنما ينفع العاقل الذي يتدبر الأمور. قوله : (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) الخ ، إضراب عما ذكر أولا ، إشارة إلى أنهم لا حجة لهم في الإشراك ، ولا دليل لهم سوى اتباع هواهم. قوله : (هادي له) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي.
قوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ) شروع في تسليته صلىاللهعليهوسلم ، والمراد بإقامة الوجه ، بذل الهمة ظاهرا وباطنا في الدين. قوله : (أنت ومن تبعك) أشار بذلك إلى أن الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والمراد هو وأمته. قوله : (فِطْرَتَ اللهِ) منصوب بفعل محذوف قدره المفسر بقوله : (الزموها) وهي ترسم بالتاء المجرورة ، وليس في القرآن غيرها ، وقوله : (وهي دينه) أي دين الإسلام ، وعلى هذا فالخلق جميعا مجبولون على توحيد يوم