وهي دينه أي الزموها (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) لدينه أي لا تبدلوه بأن تشركوا (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) المستقيم توحيد الله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أي كفار مكة (لا يَعْلَمُونَ) (٣٠) توحيد الله (مُنِيبِينَ) راجعين (إِلَيْهِ) تعالى فيما أمر به ونهى عنه ، حال من فاعل أقم وما أريد به أي أقيموا (وَاتَّقُوهُ) خافوه (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٣١) (مِنَ الَّذِينَ) بدل بإعادة الجار (فَرَّقُوا دِينَهُمْ) باختلافهم فيما يعبدونه (وَكانُوا شِيَعاً) فرقا في ذلك (كُلُّ حِزْبٍ) منهم (بِما لَدَيْهِمْ) عندهم (فَرِحُونَ) (٣٢) مسرورون ، وفي قراءة فارقوا أي تركوا دينهم الذي أمروا به (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ) أي كفار مكة (ضُرٌّ) شدة (دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ) راجعين (إِلَيْهِ) دون غيره (ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً) بالمطر (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) (٣٣) (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) أريد به التهديد (فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٣٤) عاقبة تمتعكم ، فيه التفات عن الغيبة (أَمْ) بمعنى همزة
____________________________________
ألست بربكم ، ولذا قال صلىاللهعليهوسلم : «كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه» وهذا غير ما سبق في علم الله ، وأما هو فعلم أن قوما يكفرون وقوما يؤمنون ، فمن سبق في علم الله إيمانه ، فقد استمر على فطرته الأصلية ، ومن سبق في علم الله كفره ، فقد رجع عن فطرته ، وإن كان سبق منه التوحيد ، وحينئذ يكون معنى الآية : الزم أنت ومن اتبعك الفطرة التي فطرك ربك عليها وهي التوحيد ، وهذا أحد أقوال ثلاثة في معنى الفطرة ، وقيل المراد بها : الخلقة الأصلية التي ابتدأهم الله عليها من سعادة وشقاوة ، وإلى ما يصيرون اليه عند البلوغ ، فمن ابتدأ الله خلقه للضلالة صيره إلى الضلالة وإن عمل بأعمال الهدى ، ومن ابتدأ الله خلقه للهدى صيره إلى الهدى وإن عمل بأعمال أهل الضلالة ، وقيل إنها الخلقة والطبيعة التي في نفس الطفل يكون بها مهيأ لمعرفة ربه ، ليس بين قلوبهم ومعرفة ربهم حجاب ، كما خلق أسماعهم وأبصارهم قابلة للمسموعات والمبصرات ، فما دامت باقية على تلك الهيئة أدركت الحق ودين الإسلام ، ولا يحجبها عنه إلا وساوس الشياطين بعد البلوغ ، ولذا كان كل من مات من بني آدم قبل بلوغه في الجنة ، وإن كان من أولاد المشركين ، وهذا القول قريب من معنى القول الأول. قوله : (أي لا تبدلوه) أشار بذلك إلى أن قوله : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) خبر ، والمراد منه الأمر. قوله : (توحيد الله) تفسير لقوله : (ذلِكَ).
قوله : (يَعْلَمُونَ) (توحيد الله) أي بل جهلوا ذلك ، فعبدوا غير الله. قوله : (حال من فاعل أقم) أي وما بينهما اعتراض. قوله : (وما أريد به) أي بالخطاب فإنه أريد به محمد ومن تبعه. قوله : (أي أقيموا) أشار بذلك إلى أن قوله : (وَاتَّقُوهُ) عطف على محذوف مأخوذ من الحال قبله. قوله : (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) أي فأهل السعادة فرحون بسعادتهم ، وأهل الشقاوة فرحون بما زينه لهم الشيطان لظنهم أنهم على حق. قوله : (وفي قراءة فارقوا) أي وهي سبعية أيضا.
قوله : (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ إِذا) شرطية وجوابها قوله : (دَعَوْا رَبَّهُمْ) ، وقوله : (أي كفار مكة) خص ذلك بهم لأنه سبب النزول ، وإلا فالعبرة بعموم اللفظ. قوله : (إِذا فَرِيقٌ إِذا) فجائية قائمة مقام الفاء ، فهي رابطة للشرط. قوله : (أريد به التهديد) أي فاللام لام الأمر للتوبيخ والتقرير ، على