رِباً) بأن يعطى شيئا هبة أو هدية ليطلب أكثر منه ، فسمي باسم المطلوب من الزيادة في المعاملة (لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ) المعطين أي يزيد (فَلا يَرْبُوا) يزكو (عِنْدَ اللهِ) أي لا ثواب فيه للمعطين (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ) صدقة (تُرِيدُونَ) بها (وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (٣٩) ثوابهم بما أرادوه ، فيه التفات عن الخطاب (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) ممن أشركتم بالله (مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ)؟ لا (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٤٠) به (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ) أي القفار بقحط المطر وقلة النبات (وَالْبَحْرِ) أي البلاد التي على الأنهار بقلة مائها (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) من المعاصي (لِيُذِيقَهُمْ) بالياء والنون
____________________________________
للمعطين) أي الدافعين لما ذكر ، فالأول اسم مفعول ، والثاني اسم فاعل. قوله : (صدقة) أي صدقة تطوع ، وعبر عنها بالزكاة إشارة إلى أنها مطهرة للأموال والأبدان والأخلاق. قوله : (هُمُ الْمُضْعِفُونَ) أي الذين تضاعف لهم الحسنات. قوله : (فيه التفات عن الخطاب) أي تعظيما لحالهم أو قصدا للعموم كأنه قيل : من فعل ذلك فأولئك هم المضعفون.
قوله : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) جملة من مبتدأ وخبر ، وهي تفيد الحصر لكونها معرفة الطرفين قوله : (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) الخ ، خبر مقدم ، و (مِنْ) للتبعيض ، و (مَنْ يَفْعَلُ) مبتدأ مؤخر ، وقوله : (مِنْ ذلِكُمْ) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من شيء ، لكونه نعت نكرة تقدم عليها ، و (مِنْ شَيْءٍ) مفعول يفعل ، و (مِنْ) زائدة ، والتقدير من الذي يفعل شيئا من ذلكم من شركائكم ، واسم الإشارة يعود على ما ذكر من الأمور الأربعة ، وهي الخلق والرزق والأمانة والاحياء. قوله : (لا) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري. قوله : (سُبْحانَهُ وَتَعالى) هذا نتيجة ما قبله ، أي فإذا ثبت أنه تعالى هو الفاعل لذلك كله ، ولا شريك له في شيء عنها ، فالواجب تسبيحه وتنزيهه عن كل نقص. قوله : (أي القفار) بكسر القاف جمع قفر وهي الأرض التي لا ماء بها ولا نبات ، وأما القفار بفتح القاف فهو الخبز الذي لا أدم معه. قوله : (بقحط المطر) أي منعه من النزول. قوله : (أي البلاد التي على الأنهار) وقيل إن قلة المطر ، كما تؤثر في البر تؤثر في البحر ، فتخلو أجواف الأصداف وتعمو دوابه ، فإذا أمطرت السماء تفتحت الأصداف في البحر ، فما وقع فيها من السماء فهو لؤلؤ ، وتكثر دواب البحر.
قوله : (بِما كَسَبَتْ) الباء سببية وما مصدرية أي بسبب كسبهم. قوله : (من العاصي) أي ومبدؤها قتل قابيل هابيل ، لأن الأرض كانت قبل ذلك نضرة مثمرة ، لا يأتي ابن آدم شجرة إلا وجد عليها الثمر ، وكان البحر عذبا ، وكان الأسد لا يصول على الغنم ونحوها ، فلما قتله اقشعرت الأرض ، ونبت الشوك في الأشجار ، وصار ماء البحر ملحا ، وتسلطت الحيوانات بعضها على بعض. قوله : (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) اللام للعاقبة والصيرورة متعلق بقوله : (ظَهَرَ الْفَسادُ) الخ ، وهذا فيمن أظهر الفساد وتكبر وتجبر وكفر ، وإلا فالمصائب للصالحين رفع درجات ، ولعصاة المؤمنين تكفير سيئات. قوله : (أي عقوبته) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف. قوله : (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ)