الثاني تأكيد (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥) الفائزون (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) أي ما يلهي منه عما يعني (لِيُضِلَ) بفتح الياء وضمها (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) طريق الإسلام (بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها) بالنصب عطفا على يضل وبالرفع عطفا على يشتري (هُزُواً) مهزوءا بها (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٦) ذو إهانة (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا) أي القرآن (وَلَّى مُسْتَكْبِراً) متكبرا (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) صمما ، وجملتا التشبيه حالان من ضمير ولي ، أو الثانية بيان للأولى (فَبَشِّرْهُ) أعلمه (بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٧) مؤلم ، وذكر البشارة تهكم به وهو النضر بن الحرث ، كان يأتي الحيرة يتجر ، فيشتري كتب أخبار الأعاجم ويحدث بها أهل مكة ويقول : إن محمدا يحدثكم أحاديث عاد وثمود ، وأنا أحدثكم أحاديث فارس والروم ، فيستملحون حديثه ، ويتركون استماع القرآن (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) (٨) (خالِدِينَ فِيها) حال مقدرة أي مقدرا خلودهم فيها إذا دخلوها (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) أي
____________________________________
يعطونها لمستحقيها. قوله : (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) أي يؤمنون بلقاء الله والبعث. قوله : (الفائزون) أي بما أعد لهم من النعيم المقيم.
قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي) إلخ ، شروع في ذكر مقابل الفريق الأول على حكم عادته تعالى في كتابه ، والجار والمجرور خبر مقدم ، والاسم الموصول مبتدأ مؤخر ، واعلم أن من لفظها مفرد ، ومعناها جمع ، فروعي لفظها في جميع الضمائر الآتية ، وروعي معناها في (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ). قوله : (لَهْوَ الْحَدِيثِ) إما من إضافة الصفة للموصوف ، أي الحديث اللهو ، أي المشتغل عما يعني ، أو الإضافة على معنى من ، وإليه يشير المفسر بقوله : (أي ما يلهي عنه). قوله : (بفتح الياء) أي ليستمر على الضلال ، وقوله : (وضمها) أي ليوقع غيره في الضلال ، فهو ضال مضل ، والقراءتان سبعيتان. قوله : (طريق الإسلام) أي الأمور الموصلة للإسلام ، فاللهو كل ما يشغل عن عبادة الله ، وذكره من الأضاحيك والخرافات والمغاني والمزامير ، وغيرها من الأمور الباطلة.
قوله : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) حال من فاعل (يَشْتَرِي) أي حالة كونه جاهل القلب ، وإن كان عليم اللسان. قوله : (وَيَتَّخِذَها) أي الآيات. قوله : (بالنصب) إلخ ، أي والقراءتان سبعيتان. قوله : (مهزوءا بها) أي لمحاكاته لها بالخرافات. قوله : (أعلمه) أشار بذلك إلى أن المراد بالبشارة مطلق الإعلام بالخبر ، وإن لم يكن فيه بشارة ، ودفع بذلك ما يقال : إن الأخبار بالعذاب الأليم ، ليس بشارة بل هو نذارة ، وقوله : (وذكر البشارة) إلخ ، جواب آخر ، فكان المناسب أن يذكره بأو. قوله : (النضر بن الحرث) أي ابن كلدة كان صديقا لقريش. قوله : (فيستملحون حديثه) أي يعدونه مليحا فيصغون له.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بيان لحال المؤمنين وبالقرآن ، بعد بيان حال الكافرين به. قوله : (جَنَّاتُ النَّعِيمِ) المراد بها جميع الجنان ، لا خصوص المسماة بهذا الاسم. قوله : (أي مقدرا خلودهم) أي فهم عند دخولهم يقدرون الخلود ، لسماعهم النداء من قبل الله ، يا أهل الجنة خلود بلا موت. قوله : (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) مصدران مؤكدان لمضمون الجملة الأولى ، والعامل مختلف ، والتقدير وعد