(وَباطِنَةً) هي المعرفة وغيرها (وَمِنَ النَّاسِ) أي أهل مكة (مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً) من رسول (وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) (٢٠) أنزله الله بل بالتقليد (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) قال تعالى : (أَ) يتبعونه (وَلَوْ) (كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) (٢١) أي موجباته؟ لا (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ) أي يقبل على طاعته (وَهُوَ مُحْسِنٌ) موحد (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) بالطرف الأوثق الذي لا يخاف انقطاعه (وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٢٢) مرجعها (وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ) يا محمد (كُفْرُهُ) لا تهتم بكفره (إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٢٣) أي بما فيها كغيره فمجاز عليه (نُمَتِّعُهُمْ) في الدنيا (قَلِيلاً) أيام حياتهم (ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ) في الآخرة (إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) (٢٤) وهو عذاب النار لا يجدون عنه محيصا (وَلَئِنْ) لام قسم (سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) حذف منه نون الرفع لتوالي الأمثال ، وواو الضمير لالتقاء الساكنين (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ)
____________________________________
والباطنة نعمة العقبى ، وقيل الظاهرة ما ترى الأبصار ، كالمال والجاه والجمال في الناس ، والباطنة ما يجده الإنسان في نفسه من حسن اليقين والعلم بالله تعالى ، وكل صحيح. قوله : (وتسوية الأعضاء) أي تناسبها.
قوله : (وَمِنَ النَّاسِ) نزلت في النضر بن الحارث وأبي بن خلف ومن حذا حذوهما ، كانوا يجادلون النبي صلىاللهعليهوسلم في الله وصفاته من غير علم. قوله : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي بل بالجهل وعدم المعرفة. قوله : (وَلا هُدىً) أي مع رسول جاءهم به. قوله : (وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) أي نير واضح الدلالة. قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ) الجمع باعتبار المعنى. قوله : (أَ) (يتبعونه) أشار بذلك إلى أن الشرط للحال والتقدير أيتبعونه ، والحال أن الشيطان يدعوهم إلى العذاب ، وحينئذ فلا جواب للو. قوله : (يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) أي يدعو آباءهم ، لأن مدار إنكار الإتباع ، كون الرؤساء تابعين للشيطان. قوله : (لا) أي لا يليق منهم ذلك. قوله : (أي يقبل على طاعته) أشار بذلك إلى أن المراد بالوجه الذات ، والمعنى من يبذل ذاته في طاعة ربه ، والحال أنه موحد ، فقد استمسك إلخ ، وهذا هو حقيقة الشكر ، فالإقبال على الله ظاهرا وباطنا ، موجب للأمن من عذاب الله ، ومن زوال تلك النعمة ، وهذه الآية معنى قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ). قوله : (موحد) إنما فسره بذلك ليشمل الإسلام في حق العامة وهو التوحيد ، وإلا فالإحسان الكامل أن تعبد الله كأنك تراه. قوله : (بالطرف الأوثق) أي الموصل إلى الله بلا انقطاع ، فقد مثل المؤمن المتمسك بطاعة الله ، بمن أراد أن يرقى إلى شاهق جبل ، فتمسك بأوثق حبل ، فهو تشبيه تمثيلي بذكر طرفي التشبيه. قوله : (مرجعها) أي فيجازي عليها.
قوله : (وَمَنْ كَفَرَ) إلخ ، هذا مقابل الفريق الأول. قوله : (فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ) بفتح الياء وضم الزاي ، وبضم الياء وكسر الزاي قراءتان سبعيتان ، أي فتسل ولا تغتم على ذلك. قوله : (فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) أي نخبرهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا ، كما أن المؤمن إذا نعم في الدنيا بأنواع النعم ، فليس ذلك جزاء لأعماله الصالحة. قوله : (لا يجدون عنها محيصا) أي ملجأ. قوله : (لَيَقُولُنَّ اللهُ) الجملة جواب