ومقعده من الجنة لو آمن (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) (٩٩) الجمع للتعظيم (لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) بأن أشهد أن لا إله إلا الله يكون (فِيما تَرَكْتُ) ضيعت من عمري أي في مقابلته ، قال تعالى (كَلَّا) أي لا رجوع (إِنَّها) أي رب ارجعون (كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) أي ولا فائدة فيها (وَمِنْ وَرائِهِمْ) أمامهم (بَرْزَخٌ) حاجز يصدهم عن الرجوع (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (١٠٠) ولا رجوع بعده (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) القرن النفخة الأولى أو الثانية (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ) يتفاخرون بها (وَلا يَتَساءَلُونَ) (١٠١) عنها خلاف حالهم في الدنيا لما يشغلهم من عظم الأمر عن ذلك في بعض مواطن القيامة وفي بعضها يفيقون وفي آية فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) بالحسنات (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٠٢) الفائزون (وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) بالسيئات (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) فهم (فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ) (١٠٣) (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) تحرقها (وَهُمْ
____________________________________
الردع والزجر. قوله : (أي رب ارجعون) أي وما بعدها.
قوله : (وَمِنْ وَرائِهِمْ) الجمع باعتبار معنى أحد. قوله : (بَرْزَخٌ) هو المدة التي من حين الموت إلى البعث ، والمعنى أن بينهم وبين الرجعة حجابا ومانعا من الرجوع وهو الموت ، إذا علمت ذلك ، فالأموات لا تعود أجسامهم في الدنيا بأرواحهم كما كانوا أبدا وإنما يبعثون يوم القيامة ، لا فرق بين الأنبياء وغيرهم ، وما ورد عن بعض الصالحين ، من أنهم يجتمعون بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقظة ، فالمراد أن روحه الشريفة ، تشكلت بصورة جسده الشريف ، وكذا يقال في الأولياء والشهداء ، لأن أرواح المطيعين مطلقة غير محبوسة ، وأما الكفار فأرواحهم محبوسة لا تسعى في الملكوت. قوله : (ولا رجوع بعده) أي يوم البعث. قوله : (النفخة الأولى) هو قول ابن عباس ، وقوله : (أو الثانية) هو قول ابن مسعود. قوله : (يتفاخرون بها) جواب عما يقال : إن الأنساب ثابتة بينهم لا يصح نفيها ، فأجاب : بأن المعنى لا أنساب بينهم لا يتفاخرون بأنسابهم. وأجيب أيضا : بأن معنى لا أنساب بينهم ، لا أنساب تنفعهم ، لزوال التراحم والتعاطف من شدة الحسرة والدهشة. قوله : (خلاف حالهم في الدنيا) أي لأنهم كانوا يسألون عن بعضهم في الدنيا. قوله : (لما يشغلهم من عظم) علة لقوله : (وَلا يَتَساءَلُونَ) ودفع بذلك ما يقال : كيف الجمع بين هذه الآية وآية (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) فجمع المفسر بأن القيامة مواطن مختلفة ، وهذا مبني على أن المراد النفخة الثانية ، وأما على أن المراد النفخة الأولى ، فوجه الجمع أن نفي السؤال ، إنما هو عند النفخة الأولى لموتهم حينئذ وإثباته ، وإنما هو بعد النفخة الثانية.
قوله : (مَوازِينُهُ) الجمع إما للتعظيم أو باعتبار الموزون. قوله : (بالحسنات) الباء سببية أي بسبب ثقل الحسنات. قوله : (بالسيئات) أي بسبب ثقل السيئات ، والمعنى فمن رجحت حسناته (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ، ومن رجحت سيئاته (فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا) الخ. قوله : (فهم) (فِي جَهَنَّمَ) أشار المفسر إلى أن قوله : (فِي جَهَنَّمَ) أشار المفسر إلى أن قوله : (فِي جَهَنَّمَ) خبر لمحذوف. قوله : (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ) اللفح الإصابة بشدة. قوله : (شمرت شفاههم) الخ ، فالكلوح تشمر الشفة العليا واسترخاء السفلى لما ورد : أنه تتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه ، وتسترخي السفلى حتى تبلغ سرته.