يدخل (اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ) يدخله (فِي اللَّيْلِ) فيزيد كل منهما بما نقص من الآخر (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌ) منهما (يَجْرِي) في فلكه (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) هو يوم القيامة (وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٢٩) (ذلِكَ) المذكور (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) الثابت (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ) بالياء والتاء يعبدون (مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ) الزائل (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُ) على خلقه بالقهر (الْكَبِيرُ) (٣٠) العظيم (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ) السفن (تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُمْ) يا مخاطبين بذلك (مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) عبرا (لِكُلِّ صَبَّارٍ) عن معاصي الله (شَكُورٍ) (٣١) لنعمته (وَإِذا غَشِيَهُمْ) أي علا الكفار (مَوْجٌ كَالظُّلَلِ) كالجبال التي تظل من تحتها (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي الدعاء بأن ينجيهم ، أي لا يدعون معه غيره (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) متوسط بين الكفر والإيمان ، ومنهم باق على كفره (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) ومنها الإنجاء من الموج (إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ) غدار (كَفُورٍ) (٣٢) لنعم الله تعالى (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أي أهل مكة (اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي) يغني (والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) فيه شيئا (وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ) فيه
____________________________________
غير مقصودة. قوله : (بما نقص) أي بالجزاء الذي نقص من الأجر ، وهو أربع ساعات دائرة بين الليل والنهار ، زائدة على الأثني عشر ، فتارة يزيدها الليل ، وتارة يزيدها النهار.
قوله : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) عطف على (يُولِجُ) وعبر في الأولى بالمضارع ، لأن الإيلاج متجدد بخلاف التسخير. قوله : (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) عبر هنا بإلى ، وفي فاطر والزمر باللام تفننا ، لأن اللام وإلى للإنتهاء. قوله : (ذلِكَ) (المذكور) أي من الآيات الكريمة ، وهو مبتدأ خبره قوله : (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ). قوله : (الثابت) أي الذي لا يقبل الزوال ولا أبدا. قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ) إلخ ، هذا دليل آخر على إثبات الأولوهية لله وحده. قوله : (بِنِعْمَتِ اللهِ) أي إحسانه. قوله : (أي علا الكفار) أي أحاط بهم ، فعلا فعل ماض لا حرف جر. قوله : (أي لا يدعون معه غيره) أي كالأصنام لأنهم في ذلك الوقت في غاية الشدة والهول ، فلا يجدون ملجأ لكشف ما نزل بهم غيره تعالى. قوله : (متوسط بين الكفر والإيمان) المناسب تفسير المقتصد بالعدل الموفي ، بما عاهد الله عليه من التوحيد ، ليكون موافقا لسبب النزول ، فإنها نزلت في عكرمة بن أبي جهل ، وذلك أنه هرب عام الفتح إلى البحر ، فجاءتهم ريح عاصف فقال عكرمة : لئن أنجانا الله من هذا ، لأرجعن إلى محمد صلىاللهعليهوسلم ، ولأضعن يدي في يده فسكن الريح ، فرجع عكرمة إلى مكة فأسلم وحسن اسلامه. قوله : (ومنهم باق على كفره) أي وهو المشار إليه ب قوله : (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) إلخ. قوله : (غدار) أي لأنه نقص العهد ، ورجع إلى ما كان عليه.
قوله : (اتَّقُوا رَبَّكُمْ) أي امتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه. قوله : (لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) إلخ ، كل من الجملتين نعت ليوما ، والمعنى أن يوم القيامة يقول كل إنسان ، نفسي نفسي لا أملك غيرها ، ولا يهتم بقريب ولا بعيد ، وهذه الآية مخصوصة بالكفار ، وأما المسلمون فينتفعون من بعضهم ، فالأولاد تنفع