(ثُمَّ يَعْرُجُ) يرجع الأمر والتدبير (إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) (٥) في الدنيا ، وفي سورة سأل خمسين ألف سنة ، وهو يوم القيامة لشدة أهواله بالنسبة إلى الكافر ، وأما المؤمن فيكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا ، كما جاء في الحديث (ذلِكَ) الخالق المدبر (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي ما غاب عن الخلق وما حضر (الْعَزِيزُ) المنيع في ملكه (الرَّحِيمُ) (٦) بأهل طاعته (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) بفتح اللام فعلا ماضيا صفة ،
____________________________________
والقدر الإيجاد للأشياء على |
|
وجه معين أراده علا |
وبعضهم قد قال معنى الأول :
العلم مع تعلق في الأزل
والقدر الإيجاد للأمور |
|
على وفاق علمه المذكور |
وهذه الآية بمعنى قوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) فالتصرف الذي يظهر في الخلق ، من حيث وجوده على طبق العلم والإرادة قدر ، ومن حيث تعلق علم الله وإرادته به قضاء ، فكل شيء بقضاء وقدر. قوله : (مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ) قال ابن عباس : معناه ينزل القضاء والقدر ، وقيل ينزل الوحي مع جبريل ، وروي أنه يدبر أمر الدنيا أربعة : جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل صلوات الله عليهم أجمعين ، فأما جبريل فموكل بالأرياح والجنود ، وأما ميكائيل فموكل بالقطر والماء ، وأما ملك الموت فموكل بقبض الأرواح ، وأما إسرافيل فهو ينزل بالأمر عليهم ، وقد قيل : إن العرض موضع التدبير ، كما أن ما دون العرش موضع التفصيل قال تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) يفصل الآيات وما دون السماوات موضع التصريف. قوله : (مدة الدنيا) أي وهي كما ورد سبعة آلاف سنة ، بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الألف السادس ، ومدة أمته تزيد على الألف سنة ، ولا تبلغ الزيادة عليها خمسمائة سنة ، كما ذكره السيوطي في الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف ، وهذا أحد أقوال تقدمت. قوله : (يرجع الأمر والتدبير) (إِلَيْهِ) أي ينتقل التصريف الظاهري من أيدي العبيد يوم القيامة ، ويكون لله وحده ظاهرا وباطنا ، قال تعالى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ). قوله : (لشدة أهواله) إلخ ، هذا إشارة لوجه الجمع بين الآيتين ، أي فالمراد من ذكر الألف وذكر الخمسين ، التنبيه على طوله والتخويف منه ، لا العدد المذكور بخصوصه ، وجمع أيضا بأن موقف القيامة خمسون موقفا ، كل موقف ألف فهذه الآية بينت أحد المواقف ، وآية سأل بينت المواقف كلها ، وهذا هو الأقرب ، وجمع أيضا بأن العذاب مختلف ، فيعذب الكافر بجنس من العذاب ألف سنة ، ثم ينقل إلى جنس آخر مدته خمسون ألف سنة. قوله : (من صلاة مكتوبة) صادق بصلاة الصبح ، فهو في حق المؤمنين قصير جدا.
قوله : (ذلِكَ) مبتدأ ، و (عالِمُ) خبر أول ، و (الْعَزِيزُ) خبر ثان ، و (الرَّحِيمُ) خبر ثالث ، و (الَّذِي أَحْسَنَ) خبر رابع ، وهذه قراءة العامة ، وقرىء شذوذا برفع (عالِمُ) وخفض (الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) على أنهما بدلان من الهاء في إليه ، وقرىء أيضا بجر (عالِمُ) وما بعده ، وخرجت على جعل اسم الإشارة فاعلا ليعرج ، و (عالِمُ) وما بعده بدل من الضمير في إليه. قوله : (الَّذِي أَحْسَنَ) أي