فِيها كالِحُونَ) (١٠٤) شمرت شفاههم العليا والسفلى عن أسنانهم ويقال لهم (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي) من القرآن (تُتْلى عَلَيْكُمْ) تخوفون بها (فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) (١٠٥) (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) وفي قراءة شقاوتنا بفتح أوله وألف وهما مصدران بمعنى (وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ) (١٠٦) عن الهداية (رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا) إلى المخالفة (فَإِنَّا ظالِمُونَ) (١٠٧) (قالَ) لهم بلسان مالك بعد قدر الدنيا مرتين (اخْسَؤُا فِيها) ابعدوا في النار أذلاء (وَلا تُكَلِّمُونِ) (١٠٨) في رفع العذاب عنكم فينقطع رجاؤهم (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي) هم المهاجرون (يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) (١٠٩) (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا) بضم السين وكسرها مصدر بمعنى الهزء منهم بلال وصهيب وعمار وسلمان (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي) فتركتموه لاشتغالكم بالاستهزاء بهم فهم سبب الإنساء فنسب إليهم (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) (١١٠) (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ) النعيم المقيم (بِما صَبَرُوا) على استهزائكم بهم وأذاكم إياهم (أَنَّهُمْ) بكسر الهمزة (هُمُ الْفائِزُونَ) (١١١) بمطلوبهم استئناف وبفتحها مفعول ثان لجزيتهم (قالَ) تعالى لهم بلسان مالك وفي قراءة قل (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ) في الدنيا وفي قبوركم (عَدَدَ سِنِينَ) (١١٢) تمييز (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ
____________________________________
قوله : (تُتْلى عَلَيْكُمْ) أي في الدنيا. قوله : (وفي قراءة) وهي سبعية أيضا. قوله : (وهما مصدران بمعنى) أي وهو سوء العاقبة. قوله : (بعد قدر الدنيا مرتين) أي وقدرها قيل سبعة آلاف سنة بعدد الكواكب السيارة ، وقيل اثنا عشر الف سنة بعدد البروج ، وقيل ثلاثمائة الف سنة وستون سنة بعدد أيام السنة. قوله : (اخْسَؤُا فِيها) أي اسكتوا سكوت هوان وذل. قوله : (فينقطع رجاؤهم) أي وهذا آخر كلامهم في النار ، فلا يسمع لهم بعد ذلك إلا الزفير والشهيق والنباح كنباح الكلاب. قوله : (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ) تعليل لما قبله. قوله : (بضم السين وكسرها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (وسلمان) المناسب أن يقول بدله وخباب ، لأن سلمان ليس من المهاجرين. قوله : (فنسب اليهم) أي وحقه أن ينسب إلى الاستهزاء.
قوله : (وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ) أي وذلك غاية الاستهزاء. قوله : (بكسر الهمزة وبفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (بلسان مالك) دفع بذلك ما يقال إن قوله : (قالَ) يقتضي أن الله يكلمهم ، مع أنه قال في آية آخرى (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) فأجاب بأن المكلم لهم الملك عن الله. قوله : (وفي قراءة قل) أي وهي سبعية أيضا. والحاصل أن هنا وفيما يأتي في قوله : (قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ) ثلاث قراءات سبعيات ، الأمر فيهما والماضي فيهما ، والأمر في الأول ، والماضي في الثاني. قوله : (كَمْ لَبِثْتُمْ كَمْ) في محل نصب على الظرفية الزمانية ، وقوله : (عَدَدَ سِنِينَ) هو مميزها ، والمعنى لبثتم كم عددا من السنين ، والقصد من هذا السؤال ، التوبيخ والتبكيت عليهم ، لأنهم كانوا يعتقدون بقاءهم في الدنيا ، ويعولون على اللبث فيها ، وينكرون البعث ، فلما أدخلوا النار ، وأيقنوا دوامها وخلودهم فيها ، سألهم عن لبثهم في الدنيا ، زيادة في تحسرهم على ما كانوا يعتقدونه ، حيث ظهر خلافه.