بالفوقانية (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) في أمرك (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٣) حافظا لك ، وأمته تبع له في ذلك كله (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) ردا على من قال من الكفار : إن له قلبين يعقل بكل منهما أفضل من عقل محمد (وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي) بهمزة وياء وبلا ياء (تُظاهِرُونَ) بلا ألف قبل الهاء وبها ، والتاء الثانية في الأصل مدغمة في الظاء (مِنْهُنَ) بقول الواحد مثلا لزوجته : أنت عليّ كظهر أمي (أُمَّهاتِكُمْ) أي كالأمهات في تحريمها بذلك ، لعد ذلك في الجاهلية طلاقا ، وإنما تجب به الكفارة بشرطه كما ذكر في سورة المجادلة (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ) جمع دعيّ وهو من يدعي
____________________________________
الواو ضمير الكفرة والمنافقين على قراءة التحتانية ، وضمير النبي وأمته على قراءة الفوقانية ، وهما قراءتان سبعيتان. قوله : (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) أي اعتمد عليه وفوض أمورك إليه. قوله : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) الباء زائدة في فاعل كفى و (وَكِيلاً) حال. قوله : (تبع له في ذلك) أي فيما ذكر من قوله : (اتَّقِ اللهَ) إلى هنا. قوله : (مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) أي لأن القلب عليه مدار قوى الجسد فيمتنع تعدده ، لأنه يؤدي للتناقض ، وهو أن يكون كل منهما أصلا لكل قوى الجسد وغير أصل له. قوله : (ردا على من قال) إلخ ، أي وهو أبو معمر ، جميل بن معمر الفهري ، كان رجلا لبيبا حافظا لما يسمع ، فقالت قريش : ما حفظ أبو معمر هذه الأشياء ، إلا من أجل أن له قلبين ، وكان يقول : لي قلبان أعقل بكل منهما أفضل من عقل محمد. فلما هزم الله المشركين يوم بدر ، انهزم أبو معمر ، لقيه أبو سفيان وإحدى نعليه بيده والأخرى برجله ، فقال له : يا أبا معمر ما حال الناس؟ قال : انهزموا ، فقال : ما بال إحدى نعليك في يدك ، والأخرى في رجلك ، فقال أبو معمر : ما شعرت إلا أنهما في رجلي ، فعلموا يومئذ أنه لو كان له قلبان ، لما نسي نعله في يده. قوله : (بهمزة وياء بلا ياء) أي فهما قراءتان سبعيتان وهو جمع التي ، قال ابن مالك : باللات واللاء التي قد جمعا. قوله : (بلا ألف قبل الهاء) أي فأصله تتظهرون بتاءين ، سكنت الثانية وقلبت ظاء وأدغمت في الظاء. قوله : (وبها والتاء الثانية في الأصل مدغمة في الظاء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وبقي قراءتان سبعيتان أيضا ، وهما فتح التاء والهاء مع تخفيف الظاء وأصلها بتاءين ، حذفت احداهما وضم التاء وكسر الهاء وتخفيف الظاء أيضا مضارع ظاهر ، وهذه القراءات واردة في قد سمع أيضا ، غير فتح التاء وتخفيف الظاء ، لأن المضارع هناك مبدوء بالياء فلا تتأتى فيه ، وفي الماضي ثلاث لغات : تظهر كتكلم ، وتظاهر كتقاتل ، وظاهر كقاتل. قوله : (بقول الواحد مثلا لزوجته) إلخ ، أي وضابطه أن يشبه زوجته كلا أو بعضا بظهر مؤيدة التحريم. قوله : (أُمَّهاتِكُمْ) مفعول ثان لجعل. قوله : (بشرطه) أي وهو العزم على العود ، فإن لم يعزم على العود ، فلا تجب عليه الكفارة ما لم يمسها ، وإلا تحتمت عليه ، ولو طلقها بعد ذلك.
قوله : (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ) نزلت في حق زيد بن حارثة ، وهو كما روي كان من سبايا الشام ، فاشتراه حكيم بن حزام بن خويلد ، فوهبه لعمته خديجة بنت خويلد ، فوهبته خديجة للنبي صلىاللهعليهوسلم فأعتقه وتبناه ، فأقام عنده مدة ، ثم جاء عنده أبوه وعمه في فدائه ، فقال لهما النبي صلىاللهعليهوسلم : خيراه ، فاختار الرق مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم على حريته وقومه ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم عند ذلك : يا معشر قريش ، اشهدوا أنه ابني يرثني وأرثه ، وكان يطوف على خلق قريش يشهدهم على ذلك ، فرضي ذلك عمه وأبوه وانصرفا ، فزوجة رسول