لغير أبيه ابنا له (أَبْناءَكُمْ) حقيقة (ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) أي اليهود والمنافقين قالوا لما تزوج النبي صلىاللهعليهوسلم زينب بنت جحش التي كانت امرأة زيد بن حارثة الذي تبناه النبي صلىاللهعليهوسلم قالوا : تزوج محمد امرأة ابنه ، فأكذبهم الله تعالى في ذلك (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) في ذلك (وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) (٤) سبيل الحق لكن (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ) أعدل (عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ) بنو عمكم (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) في ذلك (وَلكِنْ) في (ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) فيه وهو بعد النهي (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لما كان من قولكم قبل النهي (رَحِيماً) (٥) بكم في ذلك (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فيما دعاهم إليه ودعتهم أنفسهم إلى خلافه (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) في حرمة نكاحهن عليهم (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) ذوو القرابات (بَعْضُهُمْ
____________________________________
الله صلىاللهعليهوسلم زينب بن جحش ، فمكثت معه مدة ، ثم أخبر الله نبيه أنه زوجه زينب ، فلما طلقها زيد ، تزوجها رسول الله ، فتكلم المنافقون وقالوا : تزوج محمد حليلة ابنه وهو يحرمها ، فنزلت هذه الآية ردا عليهم ، وستأتي هذه القصة في أثناء السورة. قوله : (جمع دعيّ) أي بمعنى مدعو وأصله دعيو ، اجتمعت الواو والياء ، وسبقت إحداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء. قوله : (أي اليهود) تفسير للكاف في أفواهكم.
قوله : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) روي عن عمر بن الخطاب قال : ما كنا ندعو زيد بن حارثة ، إلا زيد ابن محمد ، حتى نزلت (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ). قوله : (هُوَ أَقْسَطُ) أي دعاؤهم لآبائهم أبلغ في العدل والصدق. قوله : (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) أي فادعوهم بمادة الأخوة ، بأن تقولوا له يا أخي مثلا. قوله : (بنو عمكم) تفسير للموالي ، فإنه يطلق على معان من جملتها ابن العم ، والمعنى إذا لم تعرفوا نسب شخص ، وأردتم خطابه ، فقولوا له : يا ابن عمي مثلا. قوله : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) أي إثم قوله : (وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ) أي ولكن الجناح فيما تعمدته قلوبكم.
قوله : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) أي أنه صلىاللهعليهوسلم أحق بكل مؤمن من نفسه كان في زمنه أولا ، فطاعة النبي مقدمة على طاعة النفس ، في كل شيء من أمور الدين والدنيا ، لأنها طاعة لله ، قال تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) وإذا كان أولى بهم من أنفسهم ، فهو أولى بمالهم وأولادهم وأزواجهم من أنفسهم بالأولى ، فحقه صلىاللهعليهوسلم على أمته أعظم من حق السيد على عبده ، وهذه الآية أعظم دليل على أنه صلىاللهعليهوسلم هو الواسطة العظمى في كل نعمة وصلت للخلق. قوله : (فيما دعاهم إليه) أي من أمور الدين أو الدنيا أو الآخرة ، فإذا طلب النبي شيئا من أمر الدنيا أو الدين ، وطلبت النفس خلافه ، فالحق في الطاعة للنبي ، وحينئذ فلا يتأتى من النبي الغصب ولا السرقة ، ولكن من كمال أخلاقه ، أنه كان يتداين مع اليهود ، ويشتري الشيء بالثمن ، وإنما جعله الله أولى بالمؤمنين ، لأنه صلىاللهعليهوسلم لا يفعل شيئا عن هوى نفسه ، بل عن وحي ، فجميع أفعاله وأقواله عن ربه.
قوله : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) أي من عقد عليهن ، سواء دخل بهن أو لا ، مات عنهن أو طلقهن ، وسراريه اللاتي تمتع بهن كذلك. قوله : (في حرمة نكاحهن عليهم) أي والتعظيم والاحترام والبر ، لا في