(بَصِيراً) (٩) (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) من أعلى الوادي وأسفله ، من المشرق والمغرب (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ) مالت عن كل شيء إلى عدوها من كل جانب (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ) جمع حنجرة وهي منتهى الحلقوم من شدة الخوف (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١٠) المختلفة بالنصر واليأس (هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ) اختبروا ليتبين المخلص من غيره (وَزُلْزِلُوا) حركوا (زِلْزالاً شَدِيداً) (١١) من شدة الفزع (وَ) اذكر (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) ضعف اعتقاد (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ) بالنصر (إِلَّا غُرُوراً) (١٢) باطلا (وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) أي المنافقين (يا أَهْلَ يَثْرِبَ) هي أرض المدينة ولم تصرف للعلمية ووزن الفعل (لا مُقامَ لَكُمْ) بضم الميم وفتحها ، أي لا إقامة ولا مكانة (فَارْجِعُوا) إلى منازلكم من المدينة ، وكانوا خرجوا مع النبي صلىاللهعليهوسلم إلى سلع ، جبل خارج المدينة للقتال (وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَ) في الرجوع (يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) غير حصينة يخشى عليها ، قال تعالى : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ) ما (يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) (١٣) من القتال (وَلَوْ دُخِلَتْ) أي المدينة (عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها) نواحيها
____________________________________
وإنما ألقوا الرعب في قلوبهم. قوله : (وبالياء) أي فهما قراءتان سبعيتان.
قوله : (إِذْ جاؤُكُمْ) بدل من إذا جاءتكم. قوله : (من أعلى الوادي) أي وهم أسد وغطفان. قوله : (وأسفله) أي وهم قريش وكنانة. قوله : (من المشرق والمغرب) لف ونشر مرتب. قوله : (من كل جانب) أي المحيط من كل جانب. قوله : (وهي منتهى الحلقوم) أي من أسفله. قوله : (الظُّنُونَا) بألف بعد النون وصلا ووقفا ، وبدونها في الحالين ، وبإثباتها وقفا ، وحذفها وصلا ، ثلاث قراءات سبعيات ، وتجري في قوله أيضا (السَّبِيلَا) و (الرَّسُولَا) في آخر السورة. قوله : (بالنصر) أي من المؤمنين ، وقوله : (واليأس) أي من المنافقين وبعض الضعفاء. قوله : (هُنالِكَ) ظرف مكان أي في ذلك المكان وهو الخندق. قوله : (زِلْزالاً) بكسر الزاي في قراءة العامة ، وقرىء شذوذا بفتح الزاي ، وهما لغتان في مصدر الفعل المضعف إذا جاء على فعلال ، كصلصال وقلقال.
قوله : (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) إلخ ، القائل معتب بن بشير ، وقال أيضا : يعدنا محمد بفتح فارس والروم ، وأحدنا لا يقدر أن يتبرز فرقا وخوفا ، ما هذا إلا وعد غرور. قوله : (وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ) القائل وهو أوس بن قيظي ، بكسر الظاء المعجمة من رؤساء المنافقين. قوله : (هي أرض المدينة) أي فسميت باسم رجل من العمالقة كان نزلها قديما ، وقد نهى النبي صلىاللهعليهوسلم عن تسميتها بذلك ، وسماها طيبة وطابة وقبة الإسلام ودار الهجرة. قوله : (ووزن الفعل) أي فهي على وزن يضرب. قوله : (بضم الميم وفتحها) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (ولا مكانة) أي تمكنا فهو بمعنى الإقامة. قوله : (جبل خارج المدينة) أي بينها وبين الخندق ، فجعل المسلمون ظهورهم إليه ووجوهم للعدو.
قوله : (وَيَسْتَأْذِنُ) عطف على (قالَتْ طائِفَةٌ) وعبر بالمضارع استحضارا للصورة. قوله : (يخشى عليها) أي من السراق لكونها قصيرة البناء. قوله : (قال تعالى) أي تكذيبا لهم. قوله : (وَلَوْ دُخِلَتْ