منه من زينة الدنيا ما ليس عنده (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَ) أي متعة الطلاق (وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلاً) (٢٨) أطلقكن من غير ضرار (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ) أي الجنة (فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَ) بإرادة الآخرة (أَجْراً عَظِيماً) (٢٩)
____________________________________
الصحابة في شأن ذلك ، فأخذها رسول الله وأرضاه ، وكانت من سبط هارون أخي موسى ، فأسلمت ثم أعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها.
قوله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) اختلف المفسرون في هذا التخيير ، هل كان تفويضا في الطلاق إليهن ، فيقع بنفس الاختيار ، أم لا؟ فذهب الحسن وقتادة وأكثر أهل العلم ، إلى أنه لم يكن تفويضا في الطلاق ، وإنما خيرهن على أنهن إن اخترن الدنيا فارقهن ، لقوله تعالى : (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَ) وذهب قوم إلى أنه كان تفويضا ، وأنهن لو اخترن الدنيا لكان طلاقا ، فلا يحتاج لإنشاء صيغة من رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (وهن تسع) أي وهن اللاتي مات عنهن ، وقد جمعهن بعض العلماء بقوله :
نوفي رسول الله عن تسع نسوة |
|
إليهن تعزى المكرمات وتنسب |
فعائشة ميمونة وصفية |
|
وحفصة تتلوهن هند وزينب |
جويرية مع رملة ثم سودة |
|
ثلاث وست نظمهن مهذب |
فعائشة هي بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وميمونة بنت الحرث الهلالية ، وصفية بنت حيي بن أخطب من بني النضير ، وهند هي أم سلمة بنت أبي أمية ، وزينب بنت جحش ، وجويرية بنت الحرث الخزاعية المصطلقية ، ورملة هي أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرث ، وسودة هي بنت زمعة. قوله : (إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا) أي التنعم فيها. قوله : (وَزِينَتَها) أي زخارفها ، روي أن أبا بكر جاء ليستأذن على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم ، قال : فأذن لأبي بكر فدخل ، ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له فدخل فوجد النبي صلىاللهعليهوسلم جالسا واجما ساكتا وحوله نساؤه ، قال عمر : فقلت : والله لأقولن شيئا أضحك به النبي صلىاللهعليهوسلم فقلت : يا رسول الله ، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة ، فقمت إليها فوجأت عنقها ، فضحك النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : هن حولي كما ترى يسألنني النفقة ، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها ، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها ، كلاهما يقول : تسألن رسول الله ما ليس عنده ، فقلن : والله لا نسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم شيئا أبدا ما ليس عنده ، ثم اعتزلهن شهرا ، ثم نزلت هذه الآية (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) حتى بلغ (لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً) قال : فبدأ بعائشة فقال : يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرا ، أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك ، قالت : وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية ، قالت : أفيك يا رسول الله أستشير أبوي ، بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة ، وكلهن قلن كما قالت عائشة ، فشكر لهن ذلك ، فأنزل الله (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) ثم رفع ذلك الحرج بقوله تعالى : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) وبقوله : (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ).
قوله : (فَتَعالَيْنَ) فعل أمر مبني على السكون ، ونون النسوة فاعل. قوله : (أُمَتِّعْكُنَ) جواب الشرط وما بينهما اعتراض ، ويصح أن يكون مجزوما في جواب الأمر ، والجواب (فَتَعالَيْنَ) قوله :