خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) بخلق أبيكم آدم منه (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) أي منّي بخلق ذرّيته منها (ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) ذكورا وإناثا (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) حال أي معلومة له (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) أي ما يزاد في عمر طويل العمر (وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) أي ذلك المعمر أو معمر آخر (إِلَّا فِي كِتابٍ) هو اللوح المحفوظ (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (١١) هين (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ) شديد العذوبة (سائِغٌ شَرابُهُ) شربه (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) شديد الملوحة (وَمِنْ كُلٍ) منهما (تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) هو السمك (وَتَسْتَخْرِجُونَ) من الملح وقيل منهما (حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) هي اللؤلؤ والمرجان (وَتَرَى) تبصر (الْفُلْكَ) السفن (فِيهِ) في كل منهما (مَواخِرَ)
____________________________________
له من الاعراب ، وقولهم : إن الفصل لا يقع قبل الخبر إذا كان فعلا مردود بجواز ذلك. قوله : (بخلق أبيكم آدم منه) ويصح أن يراد (خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) بواسطة أن النطفة من الغذاء وهو من التراب. قوله : (أَزْواجاً) أي أصنافا. قوله : (مِنْ أُنْثى مِنْ) زائدة في الفاعل. قوله : (حال) أي من أنثى.
قوله : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) بفتح الميم في قراءة العامة. قال ابن عباس : ما يعمر من معمر ، إلا كتب عمره ، كم هو سنة؟ وكم هو شهرا؟ وكم هو يوما؟ وكم هو ساعة؟ ثم يكتب في كتاب آخر : نقص من عمره يوم ، نقص شهر ، نقص سنة ، حتى يستوفي أجله ، فما مضى من أجله فهو النقصان ، وما يستقبله فهو الذي يعمره ، وهذا هو الأحسن ، وقيل : إن الله كتب عمر الإنسان مائة سنة إن أطاع ، وتسعين إن عصى ، فأيهما بلغ فهو كتاب ، وهذا مثل قوله عليهالسلام : «من أحب أن يبسط الله له في رزقه ، وينسأ له في أثره ، أي يؤخر في عمره ، فليصل رحمه» أي إنه يكتب في اللوح المحفوظ : عمر فلان كذا سنة ، فإن وصل رحمه يزيد في عمره كذا سنة ، فبين ذلك في موضع آخر من اللوح المحفوظ ، أنه سيصل رحمه ، فمن أطلع على الأول دون الثاني ، ظن أنه زيادة أو نقصان. قوله : (أو معمر آخر) أي على حد : عندي درهم ونصفه ، أي فالمعنى : ما يزاد في عمر شخص بأن يكون أجله طويلا ، ولا ينقص من عمر آخر بأن يكون عمره قصيرا إلا في كتاب. قوله : (إِنَّ ذلِكَ) أي كتابة الأعمار والآجال ، قوله : (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) أي سهل غير متعذر.
قوله : (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) هذا مثل المؤمن والكافر ، وقوله : (شديد العذوبة) أي يكسر وهج العطش ، وقوله : (سائِغٌ) أي يسهل الحرارة. قوله : (شربه) إنما فسر الشراب بالشرب ، لأن الشراب هو المشروب ، فيلزم إضافة الشيء لنفسه. قوله : (أُجاجٌ) أي يحرق الحلق بملوحته. قوله : (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ) إلخ ، يحتمل أنه استطراد لبيان صفة البحرين وما فيهما من المنافع ، والمثل قد تم بما قبله وهو الأظهر ، وقيل : هو من تمام التمثيل ، يعني أنهما وإن اشتركا في بعض الأوصاف ، لا يستويان في جميعها كالبحرين ، فإنهما وإن اشتركا في بعض المنافع ، لا يستويان في جميعها. قوله : (هو السمك) المراد به حيوانات البحر كلها ، فيجوز أكلها. قوله : (وقيل منهما) أي ووجهه أن في البحر الملح عيونا عذبة تمتزج بالملح ، فيخرج اللؤلؤ منهما عند الامتزاج. قوله : (والمرجان) هو عروق حمر ، تطلع من البحر كأصابع الكف ، وقيل : هو صغار اللؤلؤ.