الله به ويظهر براءة عائشة ومن جاء معها منه وهو صفوان ، فإنها قالت : كنت مع النبي صلىاللهعليهوسلم في غزوة بعد ما أنزل الحجاب ، ففرغ منها ورجع ودنا من المدينة ، وآذن بالرحيل ليلة ، فمشيت وقضيت شأني وأقبلت إلى الرحل ، فإذا عقدي انقطع «هو بكسر المهملة القلادة» فرجعت
____________________________________
من قول أصحاب الإفك ، ويريبني في وجعي ، أني لا أرى من رسول الله صلىاللهعليهوسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أمرض ، إنما يدخل فيسلم ثم يقول : كيف تيكم؟ لا أشعر بشيء من ذلك ، حتى نقهت بفتح فكسر ، أي برئت من مرضي ، فخرجت أنا وأم مسطح قبل المناصع متبرزنا ، لا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن تتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول ، في البرية أو في التنزه ، فأقبلت أنا وأم مسطح بنت رهم نمشي ، فعثرت في مرطها ، هو بكسر الميم ، كساء من صوف ، فقالت : تعس مسطح ، فقلت لها : بئس ما قلت : أتسبين رجلا شهد بدرا؟ فقالت : يا هنتاه ، أي قليلة المعرفة ، ألم تسمعي ما قالوا؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضا على مرضي ، فلما رجعت إلى بيتي ، دخل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : كيف تيكم؟ فقلت : ائذن لي إلى أبوي ، قالت : وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما ، فأذن لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأتيت أبوي فقلت لأمي : ما يتحدث به الناس؟ قالت : يا بنيتي هوني على نفسك الشأن ، فو الله قلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها ، فقلت : سبحان الله ولقد تحدث الناس بهذا؟ قالت : فبت تلك الليلة ، حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ، ولا أكتحل بنوم ، ثم أصبحت ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي ، يستشيرهما في فراق أهله ، فأما أسامة فأشار اليه بالذي يعلم من نفسه بالود لهم ، فقال أسامة : هم أهلك يا رسول الله ، ولا نعلم والله إلا خيرا ، وأما علي بن أبي طالب فقال : لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير ، واسأل الجارية تصدقك ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بريرة فقال : يا بريرة هل رأيت فيها شيئا يريبك؟ فقالت بريرة : لا والذي بعثك بالحق نبيا ، إن رأيت منها أمرا أغمصه عليها ، هو بهمزة مفتوحة فغين معجمة فصاد مهملة ، أي أعيبه وأنكره ، أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن العجين فيأتي الداجن ، وهو بدال مهملة ثم جيم ، ما يألف البيوت من الشاة والدجاج ونحو ذلك فيأكله ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم من نومه ، فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي ، فو الله ما علمت في أهلي إلا خيرا ، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي ، فقام سعد بن معاذ وقال : يا رسول الله أنا والله أعذرك منه ، إن كان من الأوس ضربنا عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية فقال : كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على ذلك ، فقام أسيد بن حضير فقال : كذبت لعمر الله لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين ، فثار الحيان : الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم على المنبر ، فنزل فخفضهم حتى سكتوا وسكت ، وبكيت يومي لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، فأصبح عندي أبواي ، وقد بكيت ليلتي ويوما ، حتى أظن أن البكاء فالق كبدي ، قالت : فبينما هما جالسان وأنا أبكي ، إذ استأذنت امرأة من الأنصار فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، فبينما نحن كذلك ، إذ دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجلس ، ولم يجلس عندي من يوم قيل لي ما قيل