اشتمال من أصحاب القرية (الْمُرْسَلُونَ) (١٣) أي رسل عيسى (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما) إلى آخره بدل من إذ الأولى (فَعَزَّزْنا) بالتخفيف والتشديد قوّينا الاثنين (بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) (١٤) (قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ) ما (أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ) (١٥) (قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ) جار مجرى القسم ، وزيد التأكيد به وباللام على ما قبله لزيادة الإنكار في (إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ) (١٦) (وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (١٧) التبليغ البيّن الظاهر بالأدلة الواضحة ، وهي : إبراء الأكمه والأبرص والمريض ، وإحياء الميت (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا) تشاءمنا (بِكُمْ) لانقطاع المطر عنا بسببكم (لَئِنْ) لام قسم (لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ) بالحجارة (وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٨) مؤلم (قالُوا طائِرُكُمْ) شؤمكم (مَعَكُمْ) بكفركم (أَإِنْ) همزة استفهام دخلت على إن الشرطية ، وفي همزتها التحقيق والتسهيل وإدخال ألف بينها بوجهيها وبين الأخرى (ذُكِّرْتُمْ) وعظتم وخوفتم ، وجواب الشرط محذوف ، أي تطيرتم وكفرتم وهو محل الاستفهام ، والمراد به التوبيخ (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) (١٩) متجاوزون الحد بشرككم (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ
____________________________________
رسل من الله من غير واسطة عيسى ؛ أرسلوا إلى أصحاب هذه القرية. قوله : (بدل من إذ الأولى) أي بدل مفصل من مجمل. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ) أكدوا كلامهم بأن التقدم انكارهم بتكذيب الاثنين ، وتكذيبهما تكذيب للثالث لاتحاد مقالتهم. قوله : قالوا : (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أي فلا مزية لكم علينا. قوله : (جار ومجرى القسم) أي فيؤكد به كالقسم ، ويجاب كما يجاب به القسم. قوله : لزيادة الإنكار أي حيث تعددت ثلاث مرات. قوله : (وهي إبراء الأكمه) أي الأعمى.
قوله : (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ) التطير التفاؤل ، سمي بذلك لأنهم كانوا يتفاءلون بالطير ، إذا أرادوا سفرا أو غيره ، فإن ذهب ميمنة قالوا خير ، وإن ذهب ميسرة قالوا شر. قوله : (لانقطاع المطر عنا بسببكم) قيل : حبس عنهم المطر ثلاث سنين فقالوا : هذا بشؤمكم. قوله : (لام قسم) أي وقد حنثوا فيه ، لأن الله أهلكهم ، قبل أن يفعلوا بهم ما حلفوا عليه. قوله : (بكفركم) الباء سببية أي طائركم حاصل معكم ، بسبب كفركم وعنادكم. قوله : (وإدخال ألف) أي وتركه ، فالقراءات أربع سبعيات. قوله : (وجواب الشرط محذوف) أي على القاعدة ، وهي أنه إذا اجتمع استفهام وشرط ، أتى بجواب الاستفهام ، وحذف جواب الشرط ، وهو مذهب سيبويه ، وعند يونس بالعكس. قوله : (وهو محل الاستفهام) أي وهو المستفهم عنه ، والمعنى لا ينبغي ولا يليق بكم التطاير والكفر حيث وعظتم ، بل آمنوا وانقادوا.
قوله : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) اضراب عما تقتضيه الشرطية ، من كون التذكير سببا للشؤم ، أي ليس الأمر كذلك ، بل أنتم قوم عادتكم الإسراف في العصيان ، فشؤمكم لذلك. قوله : (متجاوزون الحد بشرككم) أي بعد ظهور المعجزات ، وهذا الخطاب لمن بقي على الكفر منهم ، وهم الذين رجموا حبيبا النجار ، وأهلكهم الله كما يأتي.