للحساب خبر ثان (وَآيَةٌ لَهُمُ) على البعث خبر مقدم (الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ) بالتشديد والتخفيف (أَحْيَيْناها) بالماء مبتدأ (وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا) كالحنطة (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) (٣٣) (وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ) بساتين (مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ) (٣٤) أي بعضها (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) بفتحتين وبضمتين ، أي ثمر المذكور من النخيل وغيره (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) أي لم تعمل الثمر (أَفَلا يَشْكُرُونَ) (٣٥) أنعمه تعالى عليهم؟ (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ) الأصناف (كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) من الحبوب وغيرها (وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ) من الذكور والإناث (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) (٣٦) من المخلوقات العجيبة الغريبة (وَآيَةٌ لَهُمُ) على القدرة العظيمة (اللَّيْلُ نَسْلَخُ) نفصل (مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) (٣٧) داخلون في الظلام (وَالشَّمْسُ تَجْرِي) إلى آخره من جملة الآية
____________________________________
قوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ) أي علامة ظاهرة ودالة على الإحياء بعد الموت. قوله : (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (مبتدأ) أخره بعد قوله : (أَحْيَيْناها) اشارة إلى أنه صفة للأرض ، والصفة مع الموصوف كالشيء الواحد. قوله : (وَجَعَلْنا) عطف على (أَحْيَيْناها) قوله : (مِنْ نَخِيلٍ) هو النخل بمعنى واحد ، لكل النخل اسم جمع واحدة نخلة يؤنث عند أهل الحجاز ، ويذكر عن تميم ونجد ، والنخيل مؤنث بلا خلاف ، وإذا علمت ذلك ، فقول المفسر فيما يأتي (من النخيل وغيره) ليس بجيد ، بل المناسب وغيرها.
قوله : (وَفَجَّرْنا) بالتشديد في قراءة العامة ، وقرىء شذوذا بالتخفيف. قوله : (أي بعضها) أشار بذلك إلى أن (مِنْ) تبعيضية ، ويصح أن تكون زائدة. قوله : (بفتحتين وبضمتين) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (أي ثمر المذكور) دفع بذلك ما يقال : إن الضمير عائد على شيئين فحقه التثنية ، فأجاب : بأنه أفرد باعتبار ما ذكر. قوله : (أي لم تعمل الثمر) أشار بذلك إلى أنه (ما) نافية ، والمعنى : أنه ليس لهم ايجاد شيء ، بل الفاعل والمثبت هو الله تعالى ، كما قال في الآية الأخرى : (ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها) ويصح أن تكون موصولة ، أي ومن الذي عملته أيديهم ، أو نكرة موصوفة ، أو مصدرية ، أي ومن عمل أيديهم ، وإثبات العمل للأيدي من حيث الكسب. قوله : (أَفَلا يَشْكُرُونَ) الهمزة داخلة على محذوف ، والتقدير : أيتنعمون بهذه النعم فلا يشكرونها؟ أي بحيث لا يصرفونها في مصارفها. قوله : (أنعمه) جمع نعمة بالكسر ، ونعماء بالمد والفتح.
قوله : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ) أي تنزه في ذاته وصفاته وأفعاله عما لا يليق به. قوله : (الأصناف) (كُلَّها) أي فكل زوج صنف ، لأنه مختلف في الألوان والطعوم والأشكال ، والصغر والكبر ، فاختلافها هو ازدواجها. قوله : (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) بيان للأزواج ، وكذا ما بعده ، فتحصل أن هذه الأمور الثلاثة ، لا يخرج عنها شيء من أصناف المخلوقات. قوله : (الغريبة) أي كالتي في السماوات والتي تحت الأرضين ، وكل ما لم يكن مشاهدا لنا عادة.
قوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) ذكر الله تعالى في هذه الآية ، ما يتضمن علم الميقات الذي تجب معرفته ، وقد ذكر أستاذنا الشيخ الدردير رضي الله عنه ، مقدمة لطيفة في هذا الشأن ، كافية من