شرعا باتباعها (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ) أيها العصبة بما قلتم من الإفك (مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) أي ما صلح وطهر من هذا الذنب بالتوبة منه (وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي) يطهر (مَنْ يَشاءُ) من الذنب بقبول توبته منه (وَاللهُ سَمِيعٌ) بما قلتم (عَلِيمٌ) (٢١) بما قصدتم (وَلا يَأْتَلِ) يحلف (أُولُوا الْفَضْلِ) أي أصحاب الغنى (مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ) لا (يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ) نزلت في أبي بكر حلف أن لا ينفق على مسطح وهو ابن خالته مسكين مهاجر بدري لما خاض في الإفك بعد أن كان ينفق عليه وناس من الصحابة أقسموا أن لا يتصدقوا على من تكلم بشيء من الإفك (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) عنهم في ذلك (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ
____________________________________
قوله : (وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ) شرط حذف جوابه تقديره فلا يفلح أبدا ، وقوله : (فَإِنَّهُ يَأْمُرُ) الخ ، تعليل للجواب. قوله : (أي المتبع) هكذا بصيغة اسم المفعول وهو الشيطان ، قوله : (باتباعها) متعلق بيأمر. قوله : (ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) هذا يفيد أنهم تابوا وطهروا ، وهو كذلك ، إلا عبد الله بن أبيّ ، فإنه استمر على النفاق حتى هلك كافرا.
قوله : (وَلا يَأْتَلِ لا) ناهية ، والفعل مجزوم بحذف الياء. قوله : (أي أصحاب الغنى) في تفسير الفضل بالغنى نوع تكرار مع قوله : (وَالسَّعَةِ) وحينئذ فالمناسب تفسير (الْفَضْلِ) بالعلم والدين والإحسان ، وكفى به دليلا على فضل الصديق. قوله : (أَنْ) (لا) (يُؤْتُوا) أشار المفسر إلى أن الكلام على تقدير (لا) النافية. قوله : (أُولِي الْقُرْبى) أي القرابة ، وقوله : (وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) معطوف على (أُولِي) فهذه الأوصاف الثلاثة لموصوف واحد وهو مسطح قوله : (حلف أن لا ينفق على مسطح) أي فبعد ذلك تاب وجاء إلى أبي بكر واعتذر وقال : إنما كنت أغشى مجلس حسان واسمع منه ولا أقول ، فقال له أبو بكر : لقد ضحكت وشاركت فيما قيل ، وكفر عن يمينه.
لطيفة : وقع لابن المقري ، أنه وقع منه هفوة ، فقطع والده ما كان يجريه له من النفقة ، فكتب الولد لأبيه :
لا تقطعن عادة بر ولا |
|
تجعل عقاب المرء في رزقه |
فإن أمر الإفك من مسطح |
|
يحط قدر النجم من أفقه |
وقد جرى منه الذي قد جرى |
|
وعوتب الصديق في حقه |
فكتب اليه والده :
قد يمنع المضطر من ميتة |
|
إذا عصى بالسير في طرقه |
لأنه يقوى على توبة |
|
توجب إيصالا إلى رزقه |
لو لم يتب مسطح من ذنبه |
|
ما عوتب الصديق في حقه |
انتهى. قوله : (لما خاض في الأفك) ظرف لقوله : (حلف). قوله : (وَلْيَعْفُوا) أي أولو الفضل. قوله : (وَلْيَصْفَحُوا) أي ليعرضوا عن لومهم. قوله : (ورجع إلى مسطح ما كان ينفقه عليه) أي وحلف.