بالخبيث مثله وبالطيب مثله (أُولئِكَ) الطيبون من الرجال والطيبات من النساء ومنهم عائشة وصفوان (مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) أي الخبيثون والخبيثات من الرجال والنساء فيهم (لَهُمْ) للطيبين والطيبات (مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٢٦) في الجنة ، وقد افتخرت عائشة بأشياء منها أنها خلقت طيبة ووعدت مغفرة ورزقا كريما (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) أي
____________________________________
قوله : (أي اللائق بالخبيث مثله) أي من نساء أو كلمات. قوله : (وقد افتخرت عائشة بأشياء) منها أن جبريل عليهالسلام ، أتى بصورتها في سرقة حرير وقال : هذه زوجتك ، ويروى أنه أتى بصورتها في راحته ، ومنها أن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يتزوج بكرا غيرها ، وقبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم في حجرها وفي يومها ، ودفن في بيتها وكان ينزل الوحي عليه وهي معه في اللحاف ، ونزلت براءتها من السماء ، وأنها ابنة الصديق خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وخلقت طيبة ، ووعدت مغفرة ورزقا كريما ، وفي القرطبي قال بعض أهل التحقيق : إن يوسف عليه الصلاة والسّلام لما رمي بالفاحشة ، برأه الله على لسان صبي في المهد ، وإن مريم لما رميت بالفحشاء ، برأها الله على لسان ولدها عيسى عليهماالسلام ، وإن عائشة لما رميت بالفحشاء ، برأها الله بالقول ، فما رضي لها براءة صبي ولا نبي ، حتى برأها الله بكلامه من القذف والبهتان ، انتهى.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) الخ ، لما ذكر الله أحكام العفاف ، وكان من جملة العفاف ، عدم دخول منازل الغير إلا بإذن أهلها ذكر الاستئذان عقب ذلك. وسبب نزولها أن امرأة من الأنصار قالت : يا رسول الله إني أكون في بيتي على حال لا أحب أن يراني عليها أحد ، لا والد ولا ولد ، فيأتي الأب فيدخل علي ، وإنه لا يزال يدخل عليّ رجل من أهلي وأنا على تلك الحالة ، فنزلت. قوله : (غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) أي غير محل سكنكم ، وحينئذ فقد خرج مالك ذات الدار إذا دخل على مكتريها ، فيجب عليه الاستئذان ، لأنه قد صدق عليه أنه غير بيته. قوله : (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) من الاستئناس وهو ضد الاستيحاش ، سمي بذلك لأن المستأذن مستوحش ، فإذا أذن له فقد زال الاستيحاش. قوله : (فيقول الواحد السّلام عليكم أأدخل) أشار بذلك إلى أن السّلام مقدم على الاستئذان ، وهو قول الأكثر والحق التفصيل ، فإن وقع بصره على أحد في البيت قدم السّلام ، وإلا قدم الاستئذان ثم يسلم ، ويكون كل من السّلام والاستئذان ثلاث مرات ، يفصل بين كل مرتين بسكوت يسير ، الأول إعلام ، والثاني للتهيؤ ، والثالث استئذان في الدخول أو الرجوع ، وإذا أتى الباب ، لا يستقبله من تلقاء وجهه ، بل يجيء من جهة ركنه الأيمن أو الأيسر ، وإذا طلب منه التعيين فليعين نفسه بصفة تميزه ، ولا يكتف بقوله أنا مثلا ، لما روي عن جابر بن عبد الله قال : استأذنت على النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : من هذا؟ فقلت : أنا فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أنا أنا ، كأنه كره ذلك لعدم إفادته ، فالواجب أن يفعل الشخص كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أراد الدخول على النبي صلىاللهعليهوسلم وهو في مشربة فقال : السّلام عليك يا رسول الله ، السّلام عليكم ، أيدخل عمر؟ قوله : (من الدخول بغير استئذان) أي ومن تحية الجاهلية ، حيث كان الرجل منهم إذا أراد أن يدخل بيتا غير بيته يقول : حييتكم صباحا ، حييتكم مساء ، فربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف. قوله : (بإدغام التاء الثانية في الذال) أي بعد قلبها دالا فذالا. قوله : (أَحَداً) (يأذن لكم) السالبة تصدق بنفي الموضوع ، فهو صادق بأن لا يكون فيها أحد أصلا ، أو فيها من لا يصلح للإذن ، أو فيها من