تستأذنوا (وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) فيقول الواحد : السّلام ، عليكم ، أأدخل؟ كما ورد في حديث (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) من الدخول بغير استئذان (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٢٧) بإدغام التاء الثانية في الذال خيريته فتعملون به (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً) يأذن لكم (فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ) بعد الاستئذان (ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ) أي الرجوع (أَزْكى) أي خير (لَكُمْ) من القعود على الباب (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ) من الدخول بإذن وغير إذن (عَلِيمٌ) (٢٨) فيجازيكم عليه (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ) أي منفعة (لَكُمْ) باستكنان وغيره كبيوت الربط والخانات المسبلة (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ) تظهرون (وَما تَكْتُمُونَ) (٢٩) تخفون في دخول غير بيوتكم من قصد صلاح أو غيره ، وسيأتي أنهم إذا دخلوا بيوتهم يسلمون على أنفسهم (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) عما لا يحل لهم نظره ، ومن زائدة (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) عما لا
____________________________________
يصلح ، لكن لم يأذن. قوله : (حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) أي حتى يأتيكم الإذن ، ولو مع خادم يوثق به. قوله : (هُوَ أَزْكى) أي أطهر للأمن من الرذائل والدناءات.
قوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) هذا كالاستثناء من قوله : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) وسبب نزولها : أن أبا بكر رضي الله عنه لما نزلت آية الاستئذان قال : يا رسول الله كيف بالبيوت التي بين مكة والشام على ظهر الطريق والخانات ، أفلا ندخلها إلا بإذن؟ فنزلت. قوله : (غَيْرَ مَسْكُونَةٍ) أي غير معدة لسكنى طائفة مخصوصة ، كالربط والخانات والحمامات والحوانيت ونحوها. قوله : (باستكنان) أي طلب كن يستتر فيه من الحر والبرد ، وقوله : (وغيره) كالبيع والشراء. قوله : (المسبلة) اقتصر عليها ، لأن مورد سؤال أبي بكر في الخانات المسبلة التي بين مكة والشام. قوله : (وسيأتي) أي في آخر السورة في قوله : (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي قولوا السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإن الملائكة ترد عليكم ، أي وإن كان بها أهل فسلموا عليهم.
قوله : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ) الخ ، شروع في ذكر أحكام تعم المستأذنين وغيرهم. قوله : (يَغُضُّوا) أي يخفضوا. قوله : (ومن زائدة) أي يغضوا أبصارهم ، وحكمة دخول من في غض البصر دون حفظ الفرج ، الاشارة إلى أن أمر النظر أوسع من أمر الفرج. قوله : (ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ) أي لأنه أبعد للريبة ، ولا مفهوم للبصر والفرج ، بل باقي الجوارح كذلك ، وخص البصر والفرج بالذكر ، لأنهما مقدمتان لغيرهما من الجوارح. قوله : (فيجازيهم عليه) أي فالغاض يجازى بالحسنات ، وغيره يجازى بالسيئات.
قوله : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ) هذا أمر من الله سبحانه وتعالى للمؤمنات ، بغض الأبصار وحفظ الفروج ، وبسط الكلام في شأنهن ، لأن النساء شأنهن التبرج والخيلاء والعجب لما روي : إذا أقبلت المرأة ، جلس إبليس على رأسها فزينها لمن ينظر ، وإذا أدبرت جلس على عجيزتها فزينها لمن ينظر ، وقد اشتملت هذه الآية على خمس وعشرين ضميرا للإناث ، ما بين مرفوع ومجرور ، ولم يوجد لها