أصحاب الحاجة إلى النساء (مِنَ الرِّجالِ) بأن لم ينتشر ذكر كل (أَوِ الطِّفْلِ) بمعنى الأطفال (الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) يطلعوا (عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) للجماع فيجوز أن يبدين لهم ما عدا ما بين السرة والركبة (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) من خلخال يتقعقع (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ) مما وقع لكم من النظر الممنوع منه ومن غيره (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣١) تنجون من ذلك لقبول التوبة منه ، وفي الآية تغليب الذكور على الإناث (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) جمع أيم وهي من ليس لها زوج ، بكرا كانت أو ثيبا ، ومن ليس له زوج وهذا في الأحرار والحرائر (وَالصَّالِحِينَ) أي المؤمنين (مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) وعباد من جموع عبد (إِنْ يَكُونُوا)
____________________________________
يعرف الأرض من السماء ، ولا الرجل من المرأة. قوله : (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) بالكسر الحاجة. قوله : (مِنَ الرِّجالِ) حال من التابعين ، أي فيجوز لمن ذكر نظر ما عدا ما بين السرة والركبة عند الشافعي ، وعند مالك يحل نظر الوجه والأطراف فقط.
قوله : (الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) اعلم أن الصبي إما أن لا يبلغ أن يحكي ما رأى ، وهذا غيبته كحضوره ، أو أن يبلغه وليس فيه ثوران شهوة وهذا كالمحرم ، أو يعرف أمر الجماع والشهوة ، وهذا كالبالغ باتفاق مالك والشافعي. قوله : (لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ) أي فإن ذلك يورث الرجال ميلا. إليهن ، وهذا من باب سد الباب وتعليم الأحوط ، وإلا فصوت الخلخال مثلا ليس بعورة. قوله : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً) هذا حسن اختتام لهذه الآية ، كأن الله يقول : لا تقنطوا من رحمتي ، فمن كان قد وقع منه شيء مما نهيته عنه فليتب ، فإن التوبة فيها الفلاح والظفر بالمقصود. قوله : (تغليب الذكور) أي في قوله : (وَتُوبُوا) الخ.
قوله : (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) الخ ، الخطاب للأولياء والسادات ، والإنكاح تزويج الغير. قوله : (جمع أيم) أي بوزن فيعل ، قيل غير مقلوب ، وقيل إن الأصل أيائم فقلب. قوله : (هي من ليس لها زوج) الخ ، أي فلفظ الأيم يطلق على كل من الرجل والمرأة الغير المتزوجين ، سواء سبق لهما تزوج أو لا ، والأمر للوجوب إن خيف الزنا على المرأة أو الرجل ، أو اضطرت المرأة للنفقة ، لكن المرأة يزوجها وليها ، والرجل يتزوج بنفسه ، إن كان رشيدا أو أذن له وليه ، وهذا مذهب مالك والشافعي ، وعند أبي حنيفة تزوج المرأة نفسها ، فإن لم تخف الزنا ، أو لم تضطر المرأة ، كان مباحا عند الشافعي ، ومندوبا عند مالك وأبي حنيفة. واعلم أن النكاح تعتريه الأحكام الأربعة ، فتارة يجب وذلك إذا خاف الزنا ، ولو كان ينفق عليها من حرام ، وتارة يندب إذا كان راغبا فيه ولم يخش الزنا وراجيا النسل ، وتارة يحرم ، كما إذا كان يقطعه عن عبادة واجبة ، أن ينفق عليها من حرام مع كونه لم يخش الزنا ، وتارة يكره كما إذا كان يقطعه عن عبادة مندوبة. قوله : (وهذا في الأحرار) الخ ، أي بقرينة قوله : (وَإِمائِكُمْ). قوله : (أي المؤمنين) أي فالعبيد المؤمنون يزوجون وجوبا ، إن خيف بتركه الزنا ، وهذا عند الشافعي ، وعند مالك لا يجب على السيد تزويج عبده ، ولو خاف العبد الزنا ، وحينئذ فالأمر عنده للندب. قوله : (مِنْ عِبادِكُمْ) أي فيزوجه سيده ولو بحرة ، وقوله : (وَإِمائِكُمْ) أي فيزوج السيد أمته لرقيق وكذا لحر ، بشرط أن لا يجد