أي الأحرار (فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ) بالتزوج (مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ) لخلقه (عَلِيمٌ) (٣٢) بهم (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) أي ما ينكحون به من مهر ونفقة عن الزنا (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ) يوسع عليهم (مِنْ فَضْلِهِ) فينكحون (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ) بمعنى المكاتبة (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من العبيد والإماء (فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) أي أمانة وقدرة على الكسب لأداء مال الكتابة. وصيغتها ، مثلا : كاتبتك على ألفين في شهرين كل شهر ألف ، فإذا أديتهما فأنت حر ، فيقول قبلت (وَآتُوهُمْ) أمر للسادة (مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ) ما يستعينون به في أداء ما التزموه لكم ، وفي معنى الإيتاء حط شيء مما التزموه (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ) أي إمائكم (عَلَى الْبِغاءِ) أي الزنا (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) تعففا عنه ، وهذه الإرادة محل الإكراه فلا مفهوم للشرط
____________________________________
للحرائر طولا ، وأن يخشى الزنا ، ومحل الشرطين إن لم يكن عقيما. قوله : (من جموع عبد) أي وله جموع أخر ، كعبيد وأعابد وأعبد ، ونحو ذلك.
قوله : (إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي فإن في فضل الله كفاية عن المال ، لقوله عليه الصلاة والسّلام : «اطلبوا الغنى بالتزوج» ، فالمهم تزوج الصالحين من عباد الله نساء ورجالا ، وإن كانوا فقراء لما في الحديث : «تنكح المرأة لما لها وجمالها ودينها ، فعليك بذات الدين تربت يداك». قوله : (وَاللهُ واسِعٌ) أي ذو العطايا العظيمة التي لا تنفد. قوله : (عَلِيمٌ) (بهم) أي بحالهم فيغنيهم. قوله : (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) أي ليجتهدوا في طلب العفة وتحصيل أسبابها ، وذلك يكون بالتباعد عن الغلمان والنساء ، ويكون بملازمة الصوم والرياضة ، لما في الحديث : «من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ، ويكون بترك استعمال العقاقير التي تقوي الشهوة واستعمال ضدها». قوله : (أي ما ينكحون به) أي فالمصدر بمعنى اسم المفعول ككتاب بمعنى مكتوب. قوله : (عن الزنا) قدرة إشارة إلى أن متعلق يستعفف محذوف.
قوله : (وَالَّذِينَ) اسم موصول مبتدأ و (يَبْتَغُونَ) صلته و (الْكِتابَ) معمول ليبتغون ، وقوله : (مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) حال من فاعل (يَبْتَغُونَ) ، وقوله : (فَكاتِبُوهُمْ) الجملة خبر ، وقرن بالفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط. قوله : (بمعنى المكاتبة) أي وهي مفاعلة ، لأن السيد كتب على نفسه العتق ، والعبد كتب على نفسه النجوم. قوله : (فَكاتِبُوهُمْ) الأمر للندب. قوله : (أي أمانة) أي في دينه. قوله : (وقدرة على الكسب) أي بحرفة وغيرها. قوله : (وَآتُوهُمْ) الأمر قيل للندب وقيل للوجوب. قوله : (حط شيء) أي وهو أفضل من الإعطاء ، لأنه قد يصرفه في غير جهة الكتابة ، والأفضل أن يكون ذلك الحط في آخر نجم.
قوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ) جمع فتاة ، ولا مفهوم للإكراه ، بل الرضا بالزنا من الكبائر ، وإنما عبر به لأنه سبب النزول. قوله : (عَلَى الْبِغاءِ) هو مصدر بغت المرأة تبغي بغاء ، أي زنت ، وهو مختص بزنا النساء. قوله : (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) لا مفهوم له ، بل يحرم الإكراه على الزنا وإن لم يردن التحصن ،